هدوء صاخب
العنود الهنائية
كثيرًا ما أقَرّر أنْ أدخل فِي عِراك مع الحياةِ، وأفركُ الذّكريَات فِي ثَرَى المَاضِي، وأنْتشِل رُوحِي الغَارِقة فِي عَرقِ أفْكَارِي المتَصبّب عليّ والذي يَمْنع خطَواتِي منَ التّقدم، أنَا فَتاة لا يسْكننِي الهِدُوء بِتَاتًا، أُحرّكُ كلّ سَاكن لأثير الجَلبة، أستحثُ النّزَاعَ بينَ مكنُونَاتِي الخَفِيّة، التي قَلّما يروقُ لهَا الصّبر على أفكارِي المعقّدَة، أدخلُ فِي تَفاصِيل عَمِيقَة لأسْتَشف حَقِيقَة الحَقِيقَة ثمَّ أزوِرُهَا بكلّ بَسَاطة، أتَلاعَب بِالوَقَائِع كيفَمَا أشَاء، وَلا زِلتُ أشْعر بِوَخزَة المَاضِي وتَضَارِب الأحْدَاث، وصَوت الصّدفَة وهِيَ تَقْرعُ البَابَ بِوحشِيّة الانتِقَام، وشَرِيط الذّكريَات المُمتَد عَلى طُول ذَاكرَتِي، جَمِيع هَؤلاء هُم أحْفَاد المَآسِي الذُينَ خلّفتهُم عزلتِي الكَئيبَة وحتّى الآن أنَا مُحمّلَة مسؤولِية رِعَاية هَؤلاء كلّ لَيلَة بِلا حَول منّي ولا قُوّة، ورغمَ ذَلكَ إنّي أشدُّ بَعْضِي بِبَعْضِي لَا أقْبَلُ أنْ أنقَسِم وكمْ تمنيتُ لو كانْ باستطاعتِي فكّ أزرارَ قمِيص السّعَادة لألقي بهِ على قَلبِي ليرتَد له فَرَحهُ، حَيثُ دَائِمًا مَا تَخْتَارنِي الأشْيَاء ولكنّهَا لا تَخْتارنِي بِعنَايَة، ولا بِشَغَف المُتَلهف، هِي أقْرَب لمَفهُوم الأشْيَاء السّيئَة، لقَد تَعبتُ حقًّا منْ كوْنِي إنسَان عَاطِل عنْ الحَيَاة، ولا أعْلَم متَى سأتَوقّف عنْ كَونِي عَلامَة تنْصِيص أَحْتَوي كلّ شَيء فِي حِين مَا مِنٰ شَيء حَولِي قَادِر عَلى احْتِوائِي، إنني أكتب الآن كيْ لا يَمُوت الشّعُور فِينِي، وكيْ لا أنْسَى وقْع هَذه الأحْدَاث عَلى قَلبِي، وكمْ رَغبت أنَّ مَا نتَمنَاهُ يَأتِي إليْنَا فَلا أعْلَم مَنْ قَال للأمنِيَات أنّنا سيئِين جدًا لا نعْرِف اسْتِقبَال الضّيُوف،
لذلك أَشعرُ بأنّ الهِدُوء لَا يَخْتارنِي أبدًا، ففي كلّ ليلةٍ ينَامُ الجميعُ هنا إلّاي، الهدوءُ الصّاخب الذي يجْتاحُ مضْجَعي يُؤرقُني ويسرِقني منْ أحْلامِي إلى حَقِيْقية تُوبخ عَقلي الذي لا يهدأُ ودائمًا في حركةٍ مُزعِجة، النّجُوم التي وضعتها بِأعلَى سَقْف غُرفتي والتي ظننتُها أقْرب إليّ منْ نفْسِي تلاشَى ضَوْءها، الظّلامُ هَذه اللّيلة شَديد جدًا، يجعلُ كلّ شيءٍ مُماثِل لِلعدمِ، لا يُريحُني هذا الهُدوء أبدًا، في كلّ مرةٍ أغْمضُ فيها عَيْنيّ تبدأُ مُعَاناتِي مع الأُوْهَام، كلّ شيءٍ يسرقُني منَ الحَقِيقَة ويَجْعلُني في وهمٍ مستمرٍ، لا أعْلمُ ما الحَقِيقة، ولكنْ كلّ ما أعْلمُه هو أنّي أخْشَى أنْ أسْتيقظَ يومًا وأتسَاءل منْ أكُون!!