أحمد بن موسى البلوشي
ينقسم الدماغ البشري إلى جانبين أحدهما أيمن، والآخر أيسر، وهما جزئين لا يمكن الفصل بينهما، ويعملان معًا بشكلٍ متكاملٍ وكُلّي. وحيث أنّ الإنسان يمتلك دماغًا واحدًا، إلا أنه يتكون من نصفَي كُرة لمعالجة المعلومات بأسلوبين مختلفين، وتؤدي العادات والتقاليد والقيَم دَوراً في نمط السيطرة الدماغية لدى الأشخاص، فعلى سبيل المثال: المسلمون يأكلون باليمين، ويستخدمون الجانب الأيمن في طريقة ركوبهم للسيارة، أو دخول الأماكن ..الخ، ويميل معظم الناس إلى استخدام أحد الجانبين الكرويّين على الآخر، ويتضح ذلك من تفضيل استخدام اليد اليمنى التي يتحكم فيها الجانب الكروي الأيسر للدماغ، كما أن القدرات اللغوية تقع أساساً في الجانب الكروي الأيسر، ولذلك يُعد الجانب الأيسر مسيطراً على الأيمن، مما يؤدي إلى الظنّ بأنّ الجانب الأيمن للدماغ ما هو إلا تابعٌ للأيسر.
وهناك علامات مميزة للأشخاص المستخدمي الجانبين الكرويين للدماغ، فمثلاً أصحاب الجانب الأيمن يتميزون بالشرح العلمي المباشر، يستخدمون الصوَر العقلية، يفضّلون التعلم الكُلي، يؤدون أكثر من عملٍ في وقت واحد، ويهتمّون بالأفكار العامة.
أما أصحاب الجانب الأيسر فيتميزون بالشرح اللفظي اللغوي، يستخدمون اللغة والتركيز، يفضّلون التعلم الجزئي، يركزون على عملٍ واحدٍ فقط، ويهتمون بالتفاصيل.
أمّا أصحاب الجانب المتكامل فيستخدمون الشرح العلمي المباشر واللفظي اللغوي، يستخدمون اللغة والتركيز والصور العقلية، يستخدمون التعليم الجزئي والكُلي، يمكنهم أنْ يركّزوا على عملٍ واحدٍ أو عدة أعمال في نفس الوقت، ويهتمّون بجميع الأفكار الخاصة والعامة.
يتضح من ذلك أنّ كلّ جانبٍ مِن جانبَي الدماغ يقوم بوظائف مختلفة، ولا توجد وظائف مطلقة لكلٍّ منها، فهناك وظائف يقوم بها أحد الجانبين بصورةٍ أفضل من الجانب الآخر، وأنّ جانبَي الدماغ يختلفان كذلك في نمط معالجة المعلومات الواردة للدماغ، وأنّ جانب الدماغ الأيمن يقوم ببعض الإجراءات التي تختلف عن الإجراءات التي يقوم بها الجانب الأيسر، بمعنى أنه لا يمكن إتمام أيّ وظيفة بدون العمل المشترك والمتكامل لنصفَي الدماغ؛ وذلك لأنّ عملية معالجة المعلومات لا ترتقي إلا من خلال التكامل بين عمل النصفَين الكرويين، وعلى هذا يمكن استخدام مفهوم السيطرة الدماغية للتعبير عن تقسيم العمل بين جانبَي الدماغ.
