تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

قنابل موقوتة

أسماء بنت جمعه المخينيه “الغبر”

المشاعر كَومةٌ من المَوجات المحسوسة والتي تُلْمَس في ردّة الفعل أو القَول، وصيفة القلب لا العقل وأجمل معانيها وتعريفها بأنها شيءٌ تجده في نفسك يعبّر عن خفايا الفؤاد وأسرار القلب، فإمّا أحاسيسٌ تُنعش الرّوح والحياة والأفكار ، وإمّا قنابل قاتلة من الكُره أو البُغض والحسد، أو موقوتةٌ تُخفي ما لا يعلمه الآخَرون، وموضوعي اليوم عن الأخيرة فشيءٌ من هذه القنابل ما تمّ تفجيره، ومنها ما ينتظر ، فالتي فُجّرت باحتْ عن مكنون الذرى الذي كان يحتويها فعانقت رحاب السماء راحةً وسعادةً وصفاء، وأمّا التي لم تُفجر ما زالتْ تنتظر بركات القدَر حتى يتسنّى لها الانفجار.
في قادم كلماتي، نوعٌ من القنابل الروحية المكتومة، والتي تموت دون أن تُروى بماء الكلمة الطيبة، وتذبل زهورها حين تُنسى، وتُحجَب عن إشراقة الشمس الدافئة، وتُحرَم من تغذيتها الصباحية الأنيقة، وشذى نداءها المسائي البهيج، ففي ثنايا الصدور آهات مكبوتة ومخنوقة خُنِقت بسياج الخوف والتردّد، وشُنِقت بمجاملة الغير واحترام مشاعرهم الحسّاسة مقابل كتم الحقيقة والسكوت عن البَوح بما هو صحيحٌ وصريح، فتشهق شهقة وداع أو حكاية بعنوان “آهاتي سبب مماتي”، ومرادف لما سبق سلسلةٌ من المشاعر المرهَفة والمسكينة التي تتلقّى طعناتٍ سامّةٍ فتعجز عن الردّ ولا تكاد تُبين، فتكتفي بسيلٍ من الدموع وصمتٍ قاتلٍ ينتهي بمرضٍ نفسيّ أو صرخة تحت رمال الحُزن والفراق.
مؤلمةٌ هي المَشاعر المحرومة فتموت دون أن تعيش صبوة الحُبّ والوجد والتي تعطي ولا تأخذ، وتضحّي ولا تُسْعد، والقوية حين تُخفي صرخات آلامها وحسرة إخفاق ظنّها فيخاطبها  عقلها اللاواعي مستمداً ما خزّنته عاطفتها من أرشيف الاحترام المثاليّ، وعطفٍ يفوق الخيال فيكشف الزمن لهذه لمشاعر المحرومة أنّ ذلكم ما فعلتم بأنفسكم فذقوا ما كنتم تعتقدون.
ومريرة تيه المشاعر المحصورة، والتي تُقمع بردودٍ قاهرة، وأفكار جاهلة، واعتقادات فارغة، وعادات قد لا تمسّ من واقع الحياة النقية بشيء فتزدري بعَبرة تتناوب بانهمار يُجحظ العينين أسفاً وألماً.
ثم آهٍ من قنبلة العذاب المكبوتة والموقوتة والمخنوقة والمحرومة ألا وهي النووية التي تكتم أعظم وأعمق معاني الحبّ. ذاك المخزون الممتلىء خمراً عذباً حلالاً نقياً طاهراً، والمخزن الكبير والمَورد الصافي لمُسميات الحبّ، سميّة عليّة تفهم إشارات الحب النارية، وتعي أساليب الحبّ الباطنة منها والخفيّة ، وترسم في شفتيها قطرات الحب النديّة، قنبلةٌ مكبوتةٌ تختفي خلف التجاهُل وعصارات الخوف والابتعاد عن المشاكل، موقوتة تعرف أنها إذا انفجرتْ ستأخذ العالَم تحت براثنها، وسيأتي العاشقون إليها أشلاءً راضين بحرارة انفجارها وجوهرية دواخلها، مخنوقة ما إنْ تجد فرصةً لتنفجر حتى يظنّ صاحبها أنْ لو كلّ القنابل مثلها لتمنى الكون انفجارها كل يوم، مخنوقة ترهقها النوايا وتهكلها المسميات المثالية، وأكثر من ذلك تُذلّها الطِيبة والسذاجة والودّ فتكتم جمالها وتخنق آهاتها وتصمت حتى إشعارٍ آخرٍ،  (قنبلة محرومة لم تُحرم قلبها ولكن حُرمت من الانفجار العاطفي، حُرمت من البَوح وتفسير المشاعر الجيّاشة في عروقها، حُرمت من كتابة كلمةٍ يتكلم بها المحبّون ويتنادى بها الهائمون، حُرمت من دلعٍ حُقّ لها فعله أو دلالٍ سطّره الحقّ لها أو حقّ من حقوقها استحقّت أخذه، حُرمت من طفولةٍ تعيش بين عينيها وطلائع خطواتٍ جذابةٍ مرسومةٍ بإبداع الخالق عزّ وجلّ، سُرقت منها لحظات ظنت أنها الوحيدة في قلب مَن تُحب أو مَن تودّ أو من تحترم، إلى آخره وإلى ما لا نهاية من القنابل الموقوتة التي تُخفي الكثير وتكتم الكثير وتعيش المرير، قنابل في نظري لو وجدها من عرف مكانها لفجّرها انفجاراً ملأ الأرض جمالاً .

انتهى،،،

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights