حوار صحفي: صناعة المحتوى السينمائي
هيثم بن سليمان المسلمي - كاتب أفلام ومخرج وصانع محتوى في ضيافة لجنة كتاب وأدباء محافظة شمال الباطنة،
يحاوره الدكتور / حميد الشبلي
كتبه/ فتحية الفجري
نبذة عن الضيف
هو هيثم بن سليمان المسلمي كاتب أفلام قصيرة وأفلام طويلة، مخرج وصانع محتوى سينمائي، بشقيه الوثائقي والدرامي، خريج جامعة السلطان قابوس، بدأ مشوار الكتابة في المسرح في عدة مسرحيات، ثم انتقل للكتابة السينمائية عبر النص الطويل، ثم النص القصير، حاز على عدة جوائز، ثم قام بإخراج النصوص التي كتبها، له مشاركات في مهرجانات دولية، ويقدم ورش تدريبية في هذا المجال.
ما المقصود بصناعة المحتوى السينمائي ؟
هو صناعة المحتوى السينمائي أو (cinematic content)، هي عملية إنتاج (production) المادة البصرية التي تحتوي على رسالة معينة ضمن قالب قصصي وتقدم إلى شريحة معينة من الناس أو إلى عامة الناس،
كيف كانت البداية؟
البداية مع الفن السابع أو الفن السينمائي من خلال النص الطويل بمسمى (مصقوح)، فاز على مستوى السلطنة بالمركز الأول، ثم نص آخر اسمه (أجنحة الجنة)، النص الطويل أدخله إلى عالم السينما ككتابة، بعدها اشتغل في النص القصير الممتد من ( نصف دقيقة إلى نصف ساعة) بالعرف الدولي، ثم اتجه إلى إخراج النصوص التي يكتبها، وبها دخل (المسلمي) عالم السينما كتجربة بصرية، ووصفه بمشوار متذبذب لكنه كان ممنهج.
وبشكل عام صناعة المحتوى(visual content making) هو علم تجريبي تتعلمه، نعم الموهبة مطلوبة لكن عليك دراسة هذا العلم وممارسته ، كما وضح هيثم سليمان المسلمي أن “السينما هي فن الإنسان فن يحكي القضية، يحكي القصة، يحكي الهم الإنساني، وقادر للوصول إلى قلوب وعيون الناس”.
ماذا عن الفن السابع ودوره في التأثير بثقافة المجتمعات وتوعيتها في شتى المجالات ؟
أؤمن تماما أن الفن السابع يلعب دور قوي جدا، والملاحظ لثورة الاشتغال في العقود المنصرمة، فقد لعبت السينما دور مهم في صقل وتشكيل وربما توجيه الكثير من الثقافات والأفكار والسلوكيات والرواسخ التي تثبتت في المجتمعات في أي بقعة من العالم ، فالسينما سلاح ذو حدين يمكن أن يستثمر في الجانب السلبي والإيجابي، فالجانب الإيجابي مثلا يعمل مرحلة انتقالية للمجتمعات ثقافيا، فكريا سلوكيا ويرتفع مستوى النضج في التجربة،
تاريخيا أيضا هنالك حقائق أثبتت أن هناك عدة أفلام على مستوى التاريخ السينمائي عملت وأنتجت بميزانيات ضخمة أو قليلة، ساهمت في حل مشاكل سياسية بين الشعوب، ساهمت في تغيير ايديولوجيات في موضوع التفكير للكثير من الناس والشعوب والمجتمعات وأفلام عملت العكس، هناك أفلام حطمت شعوب وأفلام ظلمت شعوب، وأفلام ساهمت في تغيير اتجاهات الأجيال الناشئة فالفن قد يكون نافع وقد يكون ضار، فيسهم في نقل المجتمعات من مرحلة مهمة إلى مرحلة أهم.
ماهي الجدوى من إقامة المهرجانات السينمائية ؟
أرى أنها مهمة جدا، فهي تسهم في إذكاء التحدي بين المشاركين صناع الأفلام وصناع المحتوى بشكل عام، فالتحدي يساوي التطوير في المهارات، كلما وجدت مسابقة رصد لها تقدير معين أو إنجاز معين أو إنتشار معين، فيسهم المشاركين في اجادة أعمالهم، فهذه المسابقات والمهرجانات تحفز الشباب لتطوير مهاراتهم ونقل صورة ايجابيه لثقافة الوطن الى لشعوب الأخرى.
وهناك جانب آخر من المهرجانات تدخل فيها المحسوبية، عدم وجود لجان تحكيم متمكنة، عدم الإنصاف والشفافية وعدم الفهم أحيانا للمواد البصرية التي تقدم لهذه المسابقات، نأمل مع الوقت ونضج التجربة أن نصل إلى مستوى نكون فيه قادرين على تقديم مهرجانات تشرفنا أولا وتشرف الوطن وفي نفس الوقت تنصف الشباب صناع المحتوى.
حدثنا عن فيلم تاجر الزمن.
فيلم تاجر الزمن هو التجربة الأولى لي في مجال خلق صوت وصورة فهو حصيلة المبادرة التي قامت بها اللجنة الوطنية للشباب في عام ٢٠١٣م، حيث اقيمت مسابقة على مستوى السلطنة، شارك فيها ثمان نصوص من كل مجموعة شاركت بنص في كتابتها، قامت بعدها اللجنة الوطنية بإنتاج هذه النصوص. فكان هذا النص المتأهل للمرحلة ما قبل النهائية.
المرحلة ماقبل النهائية كانت عبارة عن ورشة قدمتها المنتجة الأستاذة/ نادية عليوات من المملكة الأردنية الهاشميه الشقيقه، أعطتنا ورشة مكثفة لمدة أسبوع في مسقط في فندق ( هوليدي ان) في الخوير، من الصباح وحتى المساء، وقد تعلمنا فيها مبادىء كتابة السيناريو، وكيفية إدارة مواقع الأفلام، ثم انتقلنا للمرحلة النهائية وهي إنتاج الأفلام، وفيلمي كان أحدها، فيلم ( تاجر الزمن) فيلم فلسفي يناقش قضية المتاجرة بالزمن، وكيف يمكن للزمن أن يؤثر في حياتنا، وإلى أي مدى نحن مستعدين كبشر أن نضحي بأغلى مانملك مقابل الحصول على زمن معين ،لتصليح أخطائنا والحصول على منفعة معينة ،والنص مقتبس من مسرحية معروفة اسمها (الدكتور فاوست) للكاتب البريطاني.
وفيلم( تاجر الزمن) فاز على مستوى السلطنة في( مهرجان مسقط السينمائي الدولي)، ثم قبل للمنافسة الدولية في (مهرجان وهران السينمائي) في الجزائر وهو أكبر وأضخم مهرجان في الجزائر للأفلام، ثم عرض في دول عدة منها السويد و بلغاريا والعراق في (مهرجان السماوه).
ما الذي يلهم هيثم سليمان لكتابة وتصوير أفلامه ؟
أنا لا أحب النمطية في موضوع استلهام أو استقاء الأفكار، أعمل على إيجاد فكرة منافسة في السوق، فكرة أصيلة غير مستهلكة، الأفكار كثيرة ملقاة على قارعة الطريق، كل ماعليك أن تقتنصها، أجد رياضة الجري وقيادة السيارة لمسافات طويلة تجلب لي الأفكار.
أيضا الجلوس في المقاهي، الإستماع لحديث مرتادين المقهى والماره الذي يملىء المكان، يلهمني، بالنسبة لتباين الأفكار بين الواقع، والغموض، أنا من المحبين لمدرسة الواقعية السحرية ولكتابه أمثال (جابرييل جارسيا ماركيز)، والمؤلف والكاتب المعروف(جوزيه ساراماغو).
ما تقول في الحراك السينمائي في السلطنة؟
أرى أننا مازلنا متأخرين في هذا المجال، كل ماتم إلى الآن هو محض تجارب بعضها يتسم بالإحترافية لكن تظل تجارب، نحن ليس لدينا صناعة سينمائية، فالصناعة السينمائية شيء مهول يحتاج الكثير من العناصر ،والإمكانات اللوجستية، والأكاديمية ،والثقافية ،والتسويقية، هذا مانفتقده نحن في سلطنة عمان، لكننا في حراك هناك مشاركات وإنجازات لصناع الأفلام في مهرجان الخليج السينمائي، ومهرجان دبي، ومهرجانات خارج منظومة الوطن العربي، صحيح تأخرنا عن الركب لكننا قادرين على الرجوع بقوة أكبر، أما الكتابة في مجال السينما هنالك فجوة كبيرة جدا بين المستوى الأكاديمي في كتابة النص السينمائي وبين المستوى الذي يمارسه الكتاب في مجال السينما كتاب السيناريو أو (السيناريست) هنالك مغالطة كبيرة بين ماتعود عليه كتاب السيناريو وبين المستوى الحقيقي والإحترافي الذي يفترض أن تكتب فيه الأفلام.
متى سنشاهد أعمالا سينمائية عمانية ضخمة، سواء تاريخية أو إجتماعية بطابع عماني خاص؟
يجيب على السؤال: الشعب العماني الواعي والمثقف والمهيأ لاستقبال الأعمال الفنية، وأيضاً تشارك في إجابته المنظومة الحكومية التي يجب أن تتقبل ” أن الفن ياكل عيش” يجب أن تنتهي مقولة أن ” الفن لا ياكل عيش” يجب أن تنتهي تماما، نظرا لما تحققه الكثير الدول من إيرادات ضخمة تعد بالمليارات في الاشتغال في المجال الفني، كما يتشارك فيه الناس خارج السلطنة في موضوع البحث، والتنقيب عن الأعمال التي ممكن أن تستثمر، فهي مسألة تكاملية بين صانع أفلام الذي يبحث عن فيلم ضخم سواء كان تاريخي أو غيره يحمل الطابع العماني وبين الحكومة التي تمد له يد العون، وتسهل له الإجراءات وتوفر له الدعم، وبين المستثمر الذي يرى في هذا الفيلم قيمة فنية عالية ممكن أن تستثمر، وبين الشعب العماني الذي سيعرض عليه الفيلم فيساهم في التسويق للفيلم والحديث عنه وإنتقاده.
ما هي التحديات التي يواجهها صانع المحتوى السينمائي في السلطنة ؟
من التحديات التي نواجهها انفتاح الرقابة على بعض المواضيع والقضايا التي تهم المجتمع العماني، وموضوع الدعم المادي واللوجستي لصناع الأفلام لإنجاز أفلامهم، الإحترافية في صناعة المحتوى السينمائي نفسه بمعنى أن يكون صانع الأفلام محترف ملم بعملية صناعة الفيلم من مرحلة ما قبل الإنتاج فالإنتاج، ثم مابعد الإنتاج، وأخيرا معرفة التسويق، كيف أسوق للمحتوى.
وختم / هيثم سليمان اللقاء بقوله: نتمنى في قادم الوقت أن يزيد وعي القطاع الخاص من باب المسؤولية الإجتماعية في دعم الفنانين لينهضوا ببلدهم وثقافتهم وفنهم.