سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

الصحافة.. هل آن لها الوقت أن تحتضر

 

الوليد بن زاهر العدوي
إعلامي عماني

منذ بزوغ فجر نهضة عمان واكبت الصحافة كل منجزات النهضة المباركة بكل تفاصيلها في الأرض وأعالي رؤوس جبال عمان الشامخة التي احتضنت الإنسان العماني المكافح للبقاء على هذه البقعة من العالم، فكانت الصحافة ولاتزال النبراس والسراج الذي أنار واحتضن قصص العمانيين وسطر أمجادهم ونهضتهم الشاملة التي عمت ربوع البلاد.
إن واقع صحافتنا المحلية اليوم ليدعو بما لا مجال للشك للتساؤل.. أين هي صحافتنا العمانية؟ ولماذا تشهد تراجعا بعد الأمجاد التي سطرت؟! وما تساؤلي هنا سوى لأسباب يجهلها كثير ممن لا يعلمون ولا يعملون في مجال الصحافة وتحدياتها.
كنت فيما مضى منضويا تحت مظلة البيت الأول للصحافة العمانية “الوطن العمانية” لما يقارب من 10 سنوات كمصحح لغوي ومحرر اقتصادي وكانت ولازالت “الوطن” بالنسبة لي شيء كبير لن ينسى، فقد ولدت الصحيفة تزامنا مع تولي جلالة عاهل البلاد المفدى – حفظه الله ومتعه بالصحة – مقاليد الحكم في عمان، وسارت معه لتسطر الإنجازات على أرض الواقع ولتكن الناقل الحقيقي للتنمية العمانية في كل مناحيها وشتى اتجاهاتها وقس على ذلك بقية شقيقاتها “عُمان – الرؤية – الشبيبة”.
فجاءت بقية الصحف أسوة بما قامت به “الوطن” من جهد كبير في ذلك وتوالت التطورات على الصعيد الإعلامي والصحفي في السلطنة إلى أن وصلنا لقمة الهرم الإعلامي وشهدنا تأسيس جمعية الصحفيين العمانية التي تصدرت المشهد الإعلامي في السلطنة ولتكون بيتا يأوي الصحفيين، وأصبحنا نفخر بالتقدم والإنجازات التي تحققت في هذا المجال، إلا أن التراجع والشيخوخة قد دبت في جسد الإعلام الصحفي.. فما هي الأسباب يا ترى؟!!!
ومع تداعيات الأزمة العالمية في انخفاض أسعار النفط هبت جميع الجهات الحكومية والخاصة لترشيد نفقاتها والتقليل من المصروفات، وكانت أولى ضحاياها البريئة “الصحافة” بكافة أنواعها ومجالاتها وشهدت تراجعا في الطلب وعرض الإعلانات والاشتراكات اليومية، وشهدت منحنا خطيرا ربما سيؤدي في قادم الوقت – لا قد الله – بالعاملين والمشتغلين بها لفقدان وظائفهم وكسب عيشه، وسيعود المشهد من جديد لما وقع للعاملين في مجال النفط وتسريحهم من وظائفهم.
إن أي نهضة مهما بلغت أشدها وعلا شأنها وتقدمها لن تجد سبيلا إلا بمشاركة الصحافة كافة تفاصيلها وتقدمها وتطورها، بل أن الصحافة في العديد من البلدان لها شأن كبير في النقد البنّاء الهادف ولذلك جاءت تسميتها بـ “السلطة الرابعة” لما تملكه من إمكانات وقدرات في تغيير الواقع ونقل الحدث، ولا أقصد هنا مجرد الصحافة الورقية، فقد دخلت الصحافة مجال التقانة والعصر الرقمي والتطور من أوسع الأبواب ونجد كثيرا من الصحف العريقة عالميا تحولت لصحف إلكترونية.
ومن المفارقات العجيبة التي طالعتنا بها الأخبار مؤخرا أن إحدى الجهات الحكومية وجهت بالاستغناء عن خدمات إعلانية كانت يعلن عنها في الصحف المحلية، لتقدم هذه الخدمات على موقع الوزارة المعنية والتي تعد مسؤولة بشكل مباشر بالمحافظة على وظائف العمانيين واستمرارهم في العمل في القطاع الخاص، مع العلم أن هذه الإعلانات كانت تدر دخلا جيدا به لهذه الصحف.
وهنا كلمت أوجهها لكل مسؤول أن يعيد النظر في هذا الشأن وأقول لهم أما آن الأوان أن تعود صحافتنا كما كانت وتلعب الدور المرجو منها، فالصحافة على مر سنوات النهضة لم تكن إلا المحرك الأساس والناقل الفعال والمحفز القوي للعمل والبناء على أرض عمان الطيبة، وليجد هؤلاء المسؤولين طرقا وبدائل لتقليل نفقات جهات عملهم بعيدا عن الصحافة التي خدمتهم لعقود وحرصوا للظهور فيها بفخامة صورهم ومناصبهم.. فالكل شريك في عمان الخير التي تمتد أيديها بالعطاء وبسخاء لأبنائها الأوفياء.. وما رد جميل الإعلام بشكل عام والصحافة بشكل خاص سوى بتقديم كافة أنواع الدعم والمساعدة لحمايتها من خطر الانقراض.

همسة أخيرة:
“إننا على طريق التقدم سائرون وخطتنا المقبلة هادفة طموحة وأجهزتكم الإعلامية المختلفة وقد نمت وترعرعت كفيلة بأن تنقل إليكم أينما كنتم قصة شعب آمن بوطنه واتخذ مساره بوعي وتفهم ولم يرض عن حياة العز والكرامة بديلا”
“قابوس بن سعيد”

الوليد بن زاهر العدوي
إعلامي عماني
aladawi78@gmail.com

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights