2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

دور التخطيط الاستراتيجي في إدارة الأزمات

د. مسلم بن سالم بن محمد الحراصي – دكتوراه في إدارة الموارد البشرية.

نعيش اليوم في عالم من الأزمات المتنوعة والمتغيرة والمتتالية، وفي مجالات مختلفة منها السياسية والاجتماعية، والصحية، والبشرية وغيرها من الأزمات، وربما تختلف من حيث خطورتها والحاجة إلى وضع الحلول المناسبة لها، والفترة الزمنية التي يحتاجها ذلك، لما تحدثه من تهديد للحياة بشكل عام وللبشرية بشكل خاص، مثل أزمة شح المياه، وظهور الأوبئة، وأزمة الطاقة، والتلوث، والحروب، والأزمات المالية والاقتصادية، وتكرارها يزيد من وتيرة المخاطر والخوف الذي يعم على الحياة واستقرارها، مما ينذر المؤسسات الحكومية والخاصة كافة، بالتحرك العلمي والمدروس لمواجهتها ووضع الحلول المناسبة لها بما يحقق الاستقرار والقدرة على مواجهة أي أزمة ربما تواجه المؤسسات والدول والعالم، والتقليل من الخسائر التي قد تخلفها، وهذا يتطلب حسن إدارة المواقف والأزمات، والتخطيط السليم لذلك، ولا توجد أي مؤسسة أو منظمة بمنأى عنها لأن بعضها تكون على مستوى الدولة وبعضها أشمل لتعم العالم أجمع، كما أصبحت كل المؤسسات في تداخل وترابط مجتمعي، وهو ما يتطلب من جميع الجهات ضرورة وضعها ضمن خططهم الاستراتيجية، ووضع التدابير المناسبة لها في حالة حدوثها، ورسم السيناريو الخاص بها، وتدريب الموظفين والمتخصصين على التعامل معها، وتقييمها بالطرق الحديثة؛ للوقوف على ما تم إنجازه والاستفادة من نقاط القوة في التعامل مع تلك الأزمة ووضع الحلول الناجحة للتحديات التي ظهرت، وبذلك يعد التخطيط الاستراتيجي ما قبل المختصين من المراحل الوقائية؛ لأنه يجنب المؤسسات والدول من الوقوع في فخ الأزمات المفاجئة، أو على الأقل التقليل من آثارها إلى أقل خسائر ممكنة، والحفاظ على سمعة تلك المؤسسات وقدرات الدول، وتلافي نقاط الضعف، والتحديات في الأزمات المشابهة مستقبلاً، واكتساب الخبرة في التعامل مع الأزمات الجديدة، كما يعد التخطيط الاستراتيجي ركيزة أساسية للتعامل مع الأزمات في حال حدوثها؛ لأنه يسهم في جودة وإتقان التعامل معها، ومن ثم عودة المؤسسات والدول إلى وضعها الطبيعي بعد تلافي نواتجها، لذلك يُعد من المراحل الرئيسية في العمليات الإدارية، كونه يتطلب التفكير والمفاضلة بين طرق وأساليب العمل لاختيار أفضل البدائل المتاحة وفقاً للإمكانات المتاحة، وطبيعة الأهداف المطلوب تحقيقها وهو ما يؤكد أهمية القادة الإداريين والأفراد العاملين في هذه العملية كونهم أحد العناصر الرئيسية التي تُسند إليهم مسؤولية التخطيط وإدارة المؤسسات، وبناء الخطط الاستراتيجية والتشغيلية، والتنفيذ، واتباع الاتجاهات الحديثة في إدارة الأزمات، عليه من المهم تدريبهم وإعدادهم بشكل جيد وبما يتناسب مع الاحداث، وإشراكهم في التعامل مع مثل هذه المواقف، ويقودنا ذلك إلى أهمية التخطيط الجيد، والتدريب المناسب للعاملين، والقادة الإداريين في مؤسسات الدولة كافة بسلطنة عُمان للتعامل مع الأزمات كل في مجال اختصاصه، وتكرار الأزمات كفيل أن يدق جرس الإنذار لمواجهتها وفق خطط استراتيجية منظمة، ومعدة بشكل دقيق من قبل المختصين ومتخذي القرار، والاستفادة من نقاط القوة، والتغلب على التحديات التي وقعت في مواقف مشابهة، ومثال على تلك الأزمات، الأنواء المناخية التي تكررت، والأزمات الاقتصادية، والأوبئة مثل فيروس كورونا (COVID-19)، وهذا بدوره يساعدنا للتنبؤ بالأزمات المحتملة ودراسة الآثار المترتبة عليها وبالتالي الإعداد الجيد لمواجهتها، والاستفادة من الدراسات العلمية التي أجريت في ذات الشأن كأحد المراجع المهمة، والأساليب الحديثة للتعرف على ماهية الأزمات وما تخلفه من أثار، والطرق العلمية الصحيحة لإدارتها، وآلية تقييمها، وبالنظر إلى جائحة كورونا (COVID-19) كأحد الأزمات الحالية، والتي شملت جميع دول العالم يمثل هاجس مشترك للوقوف عليه والبحث في جوانبه المختلفة المتعلقة به، والاستفادة من هذه الأزمة كخبرة قادمة في التعامل مع المواقف المختلفة، وبذلك على كل مؤسسة ضرورة تعريف الموظفين بمجال الأزمات وكيفية إدارتها، وتقييمها، وعلاقتها بالتخطيط الاستراتيجي ووضعها ضمن أهدافها، حتى نصل إلى بيئة مثقفة وواعية بمثل هذه المواضيع، والقدرة على تفاديها مستقبلاً.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights