بيئتنا الجميلة وواقع التلوث
خلفان بن ناصر الرواحي
إنَّ مفهوم التلوث البيئيّ في عصرنا الحالي يختلف كليًا عن التلوث الذي تزامن وجوده بالأنشطة البشرية منذ بداية تجمّع البشر في تجمعات وأنشطة عامة في القدم، إلّا أنّ التلوث لم يُشكّل مشكلةً خطيرةً ذلك الوقت؛ بسبب وجود مساحاتٍ غير ملوثة وكافية لانتقال جميع الأفراد إليها، والبعد عن مصادر وجود المصادر الخطرة والملوثة لهم، لكن مع زيادة عدد التجمّعات وإقامة المدن التي تضم أعدادًا كبيرة من الناس، بدأ التلوث يتحوّل إلى مشكلة مؤرقة، ونتج عنها كوارث بيئية وبشرية في كثير من الأحيان.
وبالرغم من أنّ التلوث البيئي يكون من مصادر صناعية تعود في سببها إلى الأنشطة البشرية؛ إلا أن البشر هم أساس وجودها بالرغم من وجود التشريعات والقوانين التي سنت وشرعت للحد من مخاطر تلك الأنشطة وانعكاساتها على البيئة المحيطة، وأصبح من التّحديات الخطيرة التي تواجه العالم اليوم، والتي تستدعي تضافر الجهود للحدّ من آثاره السّلبيّة، ليس على البشر وحدهم، بل على جميع الكائنات الحيّة التي تُشارك البشرَ كوكب الأرض بالإضافة إلى التقلبات المناخية التي تؤثر سلبًا على البيئة بمختلف أنواعها.
ويُعد كلٌّ من تلوث الماء وتلوث الهواء وتلوث التربة الأنواع الرئيسة أكثر شيوعًا، ومجتمعنا العُماني ليس بمنأى عنها، ولنأخذ أمثلة من تلك المصادر على سبيل المثال لا الحصر؛ المناجم والكسارات، والمناطق الصناعية الصغيرة والكبيرة، والتي بدأت تنتشر في العديد من مناطق السلطنة، وأغلبها تكون إما قريبة من الأحياء السكنية أو قريبة من مصادر المياه الجوفية، وكذلك من مناطق الرعي للثروات الحيوانية، وأصبح خطرها يفوق منفعتها للمجتمع والبيئة من حيث الملوثات المتعددة؛ كالتلوث الهوائي والغذائي والصحي نتيجة الانبعاثات الغازية والأتربة، والمواد الضارة بالإنسان والحيوان، وارتفاع الحرارة في الغلاف الجوي.
لقد تم تدمير العديد من مناطق الرعي، والمناطق الصحراوية الجميلة التي يجد فيها الناس ضالتهم للنقاهة والاستجمام؛ كالأدوية والمناطق التي تتوفر بها مصادر مياه طوال العام، وهي أيضًا ملاذٌ للعديد من الحيوانية البرية والطيور، وأصبحت اليوم مناطق ملوثة، ولا تحتمل البقاء والمقاومة أمام التجاوزات الجائرة التي تركتب في حقها بالرغم من وجود تشريعاتٍ ورقابة من الجهات ذات الاختصاص في الدولة، ناهيكم عن التلوث الصوتي نتيجة الضوضاء الناجمة عن حركة السيارات والمعدات والتفجيرات، وغيرها من الملوثات ذات العلاقة بالعملية التشغيلية لتلك المصانع والمحاجر والكسارات.
بالاضافة إلى الملوثات على البيئة البحرية، من خلال مخلفات الناقلات العملاقة التي تجوب البحار، سواءً ناقلات المشتقات النفطية، أو المادة الخام له، والمواد المرتبطة بالصناعات الكميائية، وما شابهها، والتي تؤثر بشكل سلبي على الحياة البحرية إذا ما تعرضت تلك البواخر أو الناقلات البحرية لأيّ سبب قد يؤدي إلى حدوث تلوث، وربما يكون التلوث حاصلا بطريقة مباشرة من خلال التفريغ المتعمد في بعض الأحيان بعيدًا عن المراقبة.
وهنا بعض الحلول والمقترحات التي تحد من هذه المشكلة- على سبيل المثال لا الحصر- وهي ؛
– التقليل من الآثار البشرية السلبية للنفايات من خلال إعادة التدوير لها، والتقليل من استخدام المواد المضرة بالبيئة.
– زيادة الوعي البيئي بين أفراد المجتمع، في المدارس، والأندية، وإقامة المعسكرات العامة.
– مراجعة القوانين والأنظمة، واختيار مناطق خاصة بعيدة عن الأحياء السكنية، ومصادر المياه، وأماكن الرعي والتنزه.
– مراقبة المصانع، ووضع آلية في مراقبة التخلص من النفايات من أصحاب المصانع والكسارات والمناجم، ومصادر التلوث ذات العلاقة.
– وضع أجهزة مراقبة دقيقة لحركة أصحاب الناقلات المتعلقة بالتخلص من النفايات المائية المتعلقة بالصرف الصحي وإدارتها بالشكل الصحيح، والاستفادة منها في الزراعات التي تتناسب معها.
– مراقبة الحركة الملاحية بشكل يضمن عدم حدوث تفريغ متعمد.
– استخدام أكياس القماش بدلًا من الأكياس البلاستيكية عند التسوق، واستخدام الزجاجات المصنوعة من البولي كربونات بدلًا من الزجاجات البلاستيكية، بالإضافة إلى تَجنُّب شراء المُنتجات ذات التغليف المُفرط، ومحاولة إعادة استخدامها في حال دعت الحاجة لها.
– وضع حدود للضوضاء الناتجة عن حركة مرور المركبات، وحظر الزوامير داخل مناطق مُعينة، بالإضافة إلى إنشاء مناطق صامتة بالقرب من المُستشفيات والمدارس، إلى جانب إعادة تصميم الأبنية وجعلها ملائمة لامتصاص الضوضاء.
وعليه من خلال هذه الخطوات، وبتعاون الجميع سوف نقلل من المخاطر الناجمة عن مصادر التلوث البيئي، ونعيش في بيئة صحية، ونقلل من الكوارث البيئية والبشرية.