دلالات الابتلاء
إلهام عوض عبدالله الشهراني
يقول ابن القيم :(لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب ماهو سبب هلاكه، فمن رحمة الله أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الأدواء ابتلاء بالبلوى وابتلاء بالنعم).
يعرف العارفون أن الدنيا دار ابتلاء ويختلف الابتلاء بقدر الإيمان، والقدرة على الصبر والطبائع البشرية، ومنزلة العبد عند ربه فالأنبياء أشد بلاء وأقوى صبرا وإيمانا ومنزلة، فقد اصطفاهم الله، وهم خير البشر
قال عليه الصلاة والسلام عندما سئل أي الناس أشد بلاء؟ قال : (الأنبياء ثم الأمثل فا الأمثل يبتلى الرجل حسب دينه فإن كان دينه صلابه زيد صلابة، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولايزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ماله خطيئة ).
أنواع الابتلاء :
ابتلاء بالضراء : وهو جوهر الابتلاء كفقد عزيز عليك ، أو خسارة مالية وزوال النعم أو تحول العافية، والاصابة بالأمراض أو يتسلط عليك ضعفاء الوازع الديني.
ابتلاء بالسراء: الغني أي المال أو تجارة أو منصب اجتماعي أو منصب وظيفي أو نفوذ وسلطة كل أمور يراها الآخرون نعيم ورخاء بالحياة حتى الصحة وعدم المرض ابتلاء .
ومن زاوية أخرى: أن المؤمن إذا نزل عليه البلاء وصبر واحتسب عند الله أمره أنزل الله على قلبه سكينة فتسكن الجوارح بالخشوع ويلهمه البصيرة.
كما قال عمر بن الخطاب: “إذا الله أحب عبدا كشف له حقيقة الناس من حوله فالحمد لله الذي نطيعه بصفاء النوايا فيجازينا بنور البصيرة.”
كذلك ينزل الله السكينة على عباده الذين تحل بهم مصائب الدنيا من فقر وظلم، وكل ماشق على الأنفس من كرب.
فالسكينة والبصيرة والبلاء عطاء من الله ومنحة ربانية لمن يحبهم..
وفي الختام :
لا تجالس ولا تشاور إلا الأتقياء ولاتتحدث عن أسرارك لأحد لا تعلم متى يكون الصديق عدو، ولا تعلم متى الصديق يقع في فتن آخر الزمان فتبتلى به، وتكون ضحية أفعاله المخذلة.
وأعلم أن الدنيا تتكابل عليك حتى تمشي على الأرض ماعليك خطيئة وأعمل وثابر طمع بمنزلة الصالحين والمصلحين، ابتغاء مرضاة الله وأحسن الظن بالله، وفوض أمرك إليه، ولاتقنط من رحمته.
وعند البلاء حدث نفسك عن بلاء الآخرين واحمد لله جعل البلاء فيك بالرجوع إليه ليس بلاء
في البعد عن الطاعات وعمل المعاصي ونفاق ديني وأخلاقي.
والله الهادي لسواء السبيل.