الهيكل التنظيمي
د.مسلم بن سالم الحراصي
يتمثل الهيكل التنظيمي في الإطار العام الذي يوضح تسلسل الإدارات والدوائر والأقسام داخل المؤسسة وطريقة انسيابية السلطة، ومن خلاله يتم التعرف على خطوط السلطة وحركتها بين الوظائف، كذلك يمكن من خلاله التعرف على الشكل الذي يمثل الهيكل التنظيمي للمؤسسة، ويحدد نمط السلطة وأسلوب اتخاذ القرارات، والإجراءات والعمليات المتبعة، وأن الاهتمام به وإتقانه في المؤسسات الحكومية يؤدي إلى الرضا الوظيفي مما ينتج عنه الإبداع الإداري ورفع الأداء الوظيفي (أبوغنيم،2017)، كما أشار بعض الباحثين (الطروانة، 2011؛ مساعده، 2013)؛ بأن الهيكل التنظيمي يتمثل في مجموعة من الطرق التي توزع بها المنظمة أفرادها لشغل مهمات مختلفة عن بعضها البعض حسب حاجتها، والأهداف التي تطمح إلى تحقيقها، والتنسيق بينها، ويمكن أن يصور الهيكل التنظيمي على شكل خارطة توضح كيفية توزيع المهمات، والمسؤوليات بين الدوائر والأقسام والأفراد داخل المنظمة والمؤسسات وتحدد العلاقات الرسمية بينهما، وأشار روبن بأن الهيكل التنظيمي إدارة تصف من إطار التنظيم ودرجة تعقده، وأن هذا التعقيد يعبر عنه بمقدار وحجم تقسيم العمل عمودياً أو أفقياً والذي قد يترتب عليه تحديات ومعوقات في التنسيق، أما الرسمية فتتمثل في درجة اعتماد التنظيم على القوانين والتشريعات، والجوانب التنظيمية والإجراءات اللازمة لتوجيه ومتابعة مسار السلوك التنظيمي للموظفين، في حين تشير المركزية إلى درجة ومستوى التركيز في سلطة اتخاذ القرارات لدى المستويات الإدارية العليا، وأضاف الهميسات (2017) في دراسته حول تقويم أثر الهيكل التنظيمي على أداء العاملين؛ أن الهيكل التنظيمي هو الإطار الذي يوضح التركيب الداخلي للعلاقات في المؤسسة، والتقسيمات التي تعتمد عليها الأنشطة والأعمال بهدف تحقيق أهداف المؤسسات، كما أشار إلى أن أبعاد الهيكل التنظيمي تتمثل في التعقيد، والرسمية، والمركزية، والتخصصية، والإشراف، والاتصال، وهي ما تشمل جميع جوانب الهيكل التنظيمي، وأنه الوسيلة الفاعلة لمساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها بكل كفاءة وفاعلية، وضرورة تطوير الهيكل التنظيمي للحد من المركزية والرسمية، وتوفير الكفاءات المؤهلة وفق التخصصية والمهام الوظيفية، ويكمن السر في الهيكل التنظيمي أنه الأداة الرئيسية في تنسيق وتنظيم جهود العمل والتي تحقق أهداف المؤسسة، كما يوفر الإطار العام الذي يتحرك ويسير فيه الأفراد، ومن خلاله تتوحد الجهود وتتكامل فيما بينها، وأن العوامل المكونة للهيكل التنظيمي تمثل القوة للمنظمة والأفراد، وللهيكل التنظيمي تأثير واضح ومباشر بالممارسات الإدارية، وبالأداء الوظيفي لديهم (عبدالمطلب،2016).
كما أشار علاوي (2017) أن الهيكل التنظيمي يتكون من نموذجين مهمين، هما: النموذج الآلي والذي يتميز بالسلطة الرقابية، وكذلك النموذج العضوي والذي يتميز بعدم الاستقرار، وأن بيئته الخارجية غير مستقرة، وعدم الروتينية في التكنلوجيا المستخدمة، ويستند على التعلم والعمل الجماعي.
لذلك لابد من الإبداع في عملية هيكلة المنظمات وطريقة توصيف ذلك الهيكل التنظيمي بعيدًا عن الجمود، ويتسم بالمرونة، وأن يكون سهل التطبيق والتواصل بين تقسيماته؛ بهدف بث روح الحماس لدى العاملين على الإبداع والمشاركة والتطوير في مجال العمل، كما يجب أن يكون للهيكل دور في بناء العلاقات الفاعلية بين كل مكونات المؤسسة، وأشارت الدراسات السابقة أن الهيكل التنظيمي يمثل المحرك الرئيسي في المؤسسة، لذلك عليه الاعتماد على اللامركزية ويتم خلاله تفويض السلطة، والمشاركة بين العاملين في اتخاذ القرارات، ويهيئ فرصاً واسعة وكبيرة لدى العاملين بهدف الإبداع والابتكار، حيث يتيح لهم فرصة تنفيذ أعمالهم بكل سهولة ويسر وبحرية واستقلالية؛ مما يشجع على التنافس، والمرونة في رفع أداء العاملين بكافة المستويات الإدارية، وبذلك لابد أن تولي المؤسسات الحكومية اهتماماً خاصاً بها باعتباره جزءًا مهماً يسهم في التأثير على رفع الأداء الوظيفي للعاملين، مما يساعد في رفع الروح المعنوية لهم وزيادة ولائهم وانتمائهم للمؤسسات التي يعملون بها، وعليه لابد للمؤسسات الحكومية أن تطور هياكلها التنظيمية بتصميم جديد ورائع يتسم بالمرونة ويتوافق مع المتطلبات، والمستجدات؛ حتى تتمكن من تعزيز قدرتها للتكيف مع الظروف الطارئة والتطورات الخارجية والظروف البيئية التي تعترضها(عبد بحر وأبوسريح، 2016).
ولبناء الهياكل التنظيمية في المؤسسات الحكومية لابد من اتباع عدة محددات، ومراعاتها؛ حتى تتسم بالرصانة وتحقق الأهداف، وفق الغايات التي تطمح إليها، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها وتمثل تلك المحددات في مجموع العوامل التي من شأنها أن تؤثر على اختيار وتحديد الهيكل التنظيمي المناسب للمؤسسة ومنها: حجم المنظمة؛ حيث أن صغر حجم المؤسسة يؤدي إلى صعوبة وتعقيد في عملية تقسيم المهام وذلك لبساطة هيكلها، والعكس كل ما كبر حجم المؤسسة سهل عملية تقسيم المهام نظراً لتنوع الأنشطة والممارسات المختلفة بين الأقسام والدوائر والموظفين؛ مما يؤدي للاعتماد على هيكل معقد، كذلك دورة حياة المؤسسة (عمرها) إن كانت حياة المؤسسة في طور البداية. أي مؤسسة منظمة حديثة النشأة يكون هيكلها التنظيمي بسيطاً وغير معقد في عناصره ومهامه، في حين العكس إذا كانت المنظمة قديمة النشأة فإن هيكلها يستدعي أكثر تعقيداً، والحاجة إلى التركيز العالي في درجة بناءه، كذلك التكنولوجيا المستخدمة من قبل المؤسسات حيث أن ازدياد تعقيد التكنولوجيا المستخدمة فيها، يؤدي إلى زيادة تعقيد هيكلها، وأخيراً البيئة الخارجية لما لها من تأثير في درجة استقرار الهيكل التنظيمي وعدم استقراره، ففي الحالة الأولى يتسم الهيكل بالبساطة وعدم التعقيد، في حين يكون أكثر تعقيداً لدى الحالة الثانية (Monassier, 2016).