تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

صَحوة النّفْس البَشرية

خديجة المعمرية

قَلبٌ بِلا عُروق، شرايين بِلا دماء. تَزاحُم مَشاعر، غُروبٌ بِلا شُروق. بُكاءٌ بلا دُموع.
خَليطٌ مِن المَشاعر المُتناقضة وفَوضى رهيبة مِن الأفكار والمَواقف في ظِلّ المعركة الأزَلية بينَ الخير والشرّ.

نبحثُ عن الحياة وكأنّنا لا نعلم أنّ مَصيرنا الفناء.
لقد خُلقنا لِنعيش هذه الحياة مَرّة واحدة، لذلك احرُصْ على أنْ تَعيشها في مَرضاة الله.

تَحدّى نفْسَك، جَرّب أنْ تكون مُغامِراً أو أنْ تكون باحثاً عن آثار.
كلّ يوم مِن حياتكَ حاولْ أنْ تعيشه وتستمتع بكلّ تفاصيله، لا تَدَعْ شبَح المَلل يُرافقك أبداً.

نبحث عَن الرّاحة ونَسينا أنّ الراحة لمْ تُخلَق في حياتنا أبداً.
الطفل الصغير يتمنّى أنْ يَكبر سريعاً وعندما يكبر يتمنى أنْ يعود صغيراً. البنت تتمنى الزواج وعندما تتزوج تتمنى إنجاب الأطفال، وعندما تُرزق بالأطفال تأمل أنْ يكونوا صالحين. وبين أُمْنية وأمنية، ربما تتحطم أماني وتنكسر قلوب.

هذه هي الحياة، دائماً ما نتمنى فيها الكثير من الأُمنيات، بَعضها يتحقّق والبعض الآخَر يُنسى مع مرور الزمن. حُرٌّ أنتَ في حياتك وفي عُزلتكَ كذلك.

لا أحد يستطيع خَرْق هدوء نفْسكَ ولا قطْع حِبال أفكارك ولا أحد يستطيع مُزاحمتكَ بِضجّةٍ واهِية.
لا أحد يستطيع الاستهانة بصمتك.
فَلِصمتكَ وَقاره وهَيبته، وهو الوحيد القادر على مُوازنة ثَبات نفسك.
فقليل الكلام هو شخص يتميّز بالحِنكة والحِكمة والفِطنة. لذلك نحتاج إلى أنْ نكون بمعزلٍ عن الجميع لكي نُجدّد أفكارنا ونُعيد ترتيب أولوياتنا.

أفكارنا وأحلامنا وطموحاتنا ستكون بِمعزلٍ عن النوايا السّيئة التي تَكاد تقتل نِصف أهل الأرض.
حُرٌّ أنتَ لأنكَ قرّرت الاكتفاء بذاتك رغم كثرة المحيطين بك.
حُرٌّ لأنكً لمْ تَعُد تنتظر شيئاً مِن الواقع وَلا مِن الفضاءات الزرقاء.

حُرٌّ لأنكَ فضّلتَ الوحدة على صديق السّوء.
حُرٌّ أنتَ في عُزلتكَ رغم الصّراع القائم بينكَ وبين ذاتك، ولكنها أخيراً قاربتْ على الرضوخ لقرارك.

تُحاول أنْ تَنفي ذاتكَ ولكنّ (الأنا) تَعود لتُسَيطر عليكَ أبشع سَيطرة.
حُبّك لِذاتكَ في أحيان كثيرة سَيُسَبّبُ لكَ المتاعب.

لذلك فَلْيكُنْ شِعارك في الحياة نَحو ذاتك لتمحيها، لتَمحي غُرورها وتقوّمها بالطريقة المُثلى.
قد فهمتَ أخيراً جَدوى فِكرتك.

أنْ تكون مَهووساً بالخَيال، خيرٌ لكَ مِن العيش في واقعٍ كلّ همّه العالَم الافتراضي.

الذّات التي كانتْ مُكبّلةً بسلاسل كَعبدٍ خلْف صناديق حقيرة أصبحتْ حُرّة. حُرّة مِن كلّ سَخافة ومِن كلّ جِدال عقيم.

حُرٌّ أنتَ لأنّ قلبكَ لمْ يَعُد يتساءل مَن الذي يُحبكَ وما زالَ على عَهده، ومَن الذي يَكرهُك؟ لكنّ القلب له خاصية استثنائية، فهوَ لا إرادياً يُحبّ أشخاصاً ويبغض آخَرين.

حُرٌّ لأنّ عقليّتكَ لمْ تَعُد كما كانتْ في السابق، بلْ أنّها أصبحتْ أكثر نضجاً. صحيحٌ بأنّنا في عصر السرعة، ولكنْ أيُعقَل أنْ تلهينا الدنيا أكثر؟ أيُعقل أنْ تتركنا نَلهث خلفَها ونستمتع بكلّ مُغرياتها ونهدر أعمارنا وأرواحنا؟ إلى متى سَنظلّ في نومنا وسُباتنا العميق؟
هيَ دَعوةٌ مِنّي لِصحوة النّفْس البَشرية والغريزة الإنسانية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights