بيروت مدينة المتناقضات
راشد بن حميد الراشدي
إعلامي وعضو مجلس إدارة
جمعية الصحفيين العمانية
———————————
بين خراب بيروت وخراب مالطا ألف تساؤل يحمله هدف واحد ضياع أمة وظهور أمة على أنقاض الأمم هذا هو الهدف الأسمى منذ مئات السنين لأمة زائلة ألبستها طاقيتها الصغيرة المبطنة ببؤر الفساد والمكر والخداع والغدر والضغينة للكيد من البشرية فبقيت وقحة شريرة تقاوم غدرها بغزلٍ بريء لكل الشعوب ولكن الشعوب تدرك اليوم ما تريده إسرائيل ومن يدعمها من قوى الظلالة وما يحاولن الوصول إليه.
نحن العرب فقط لم ندرك مصالحنا وإلى أين تأخذنا الأمواج فقط أصبحنا نطبل لكل مفسدة ونستنكر كل أمراً جلل يُحيى الشعوب العربية والإسلامية ويرجع كرامتها وعزتها ونجري وراء مقصلة الغاشم لنلقى مصير الخراف في مقصلة الجزار بدون ندم أو أسف علينا فقد صرنا تابعين لمن يتربص بنا دائرة السوء قبحهم الله.
اليوم بيروت حزينة ومن حولها القدس ودمشق قد حزنوا وكذلك العراق وليبيا واليمن التي أصابها ما أصاب بيروت وما هب لنجدتهم أحد .
بيروت التي يتناقض كل شيءٍ فيها أمست خرابا في لحظات وكؤوس الفرح تقدح في نوادي من سعى لتدمير شعب بأكمله وتدمير إرادته التي عبر عنها شبابه المثقفين المتقدين بهمم الرجال فوئدت بيروت قبل أن ترفع رأسها مجددة عهد جديد سيشرق بأمل الفقير والمواطن البسيط الطامع لحياة أفضل .
على صخور بيروت وفي مرافئها يتكسر كل شيءٍ حتى الاحلام فعندما تباع الأوطان بمصالح شخصية وتعصبات مذهبية وتجنى ملايين الدولارات على جثث المواطنين البرايا من كل تلك المهاترات التي تقوم بها القوى السياسية فاقرأ على بيروت ولبنان السلام.
لبنان التي حملت الشهداء الأحرار تبكي حزينة اليوم بفعال أبنائها الباحثين عن المجد لمصالحهم الشخصية وقد نالوا من كرامتها وكبريائها وأرادوا إحراقها لغير رجعة فأوجعها الألم بفعالهم فتمتمت تنتظر الفرج من رجال مخلصين محبين لأوطانهم فبيروت ولبنان لن تموتان كما يتمنى ويخطط البعض لهما ففيهما رجال سيكتبون تاريخا مجيدا لوطنهم .
هو مخاض في دولة المتناقضات سيولد بعده فجرا جديدا بإذن الله يعمر ولا يهدم ويطور ولا يخرب ويسعى لبناء الوطن بسواعد الشجعان ومحبي الأوطان .
انفجار بيروت العظيم أذهل العالم أجمع ورحمة ربك كانت حاضرة المكان والزمان دمار هائل وإصابات بالألوف وأموات بالمئات ولكن لطف الله وستره خفف من عدد الضحايا فانفجار بذلك الحجم حول مدينة بأكملها إلى ركام كانت الحصيلة أكبر بأضعاف لكن إرادة الله فوق كل شيءٍ.
رحم الله موتانا وموتى المسلمين وشفى مرضانا ومرضى المسلمين ولطف بأهلنا جميعا في لبنان الحزين وحفظهم من كل سوءٍ.
فبيروت بلد المتناقضات وقد آن للجميع أن يترك مصالحه وأهوائه من أجل بناء وطنه وأن تتحد الأيادي الصادقة البعيدة عن أي مفسدة وظلالة بصدق القول والعمل لتحيا بذاك الأمم فما حدث لبيروت خيانة للوطن وخيانة للأمم.
من عمان نرسل تعازينا لكل الشعب ومن عمان نقول أن الألم والمصاب واحد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين ورفع قدرهم ووحد صفهم وجمع شملهم وأيدهم بالحق والصلاح.