قبل أن يسرقك
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
قرأت قصة للكاتب كريم الشاذلي يقول فيها: (يُحكى أن رجلًا أراد أن يجمع كل كنوزه أمام عينيه، فباع كل ما يملك واشترى بثمنه سبيكة ذهب، وحفر حفرة عميقة في فناء بيته، ووضع السبيكة بداخلها، كانت لدى الرجل طقوس شهرية؛ فكل شهر كان يحفر الحفرة ،ويتأكد من وجود السبيكة التي تعتبر ثروته في الدنيا، ويجلس قبالتها قسطا من النهار، ثم يهيل عليها التراب مرة ثانية؛ خشية أن يراه أحد، بيد أن القدر خبأ له مفاجأة غير سارة، فلقد شاهده أحدهم وهو يهيل التراب لدفن الحفرة، وأيقن أن الأمر فيه سرٌ كبيرٌ، فانتظره حتى ذهب ،ونقّب في الأرض إلى أن وجد سبيكة الذهب فسرقها.
عاد الرجل كعادته كل شهر للاطمئنان على سبيكته، وللأسف لم يجدها، ففُجع بالمصيبة، وطار عقله، وطفق يبكي ويولول، فأقبل جار له يستفسر منه، ويسأله عن سبب بكائه وعويله، فأخبره الرجل المفجوع بالأمر، ولأن الجار كان على عِلم ببخل الرجل، وتقصيره على نفسه وأهل بيته؛ فقد اقترح عليه اقتراحاً مثيراً، قال له: خذ حجرا من بين تلك الحجارة الملقاة بالأرض، وضعها في الحفرة، وتخيل أنها سبيكة الذهب التي ضاعت منك، وعندما نظر له الرجل مستنكرا، فسّر قوله قائلا: في جميع الأحوال أنت لن تستمتع بها ،ولا بقيمتها، وما دام الأمر كذلك، فأي حجر هو في قيمة تلك السبيكة).
من خلال هذه القصة يتضح لنا الألم الذي يعيشه بعض البشر الذين يملكون أشياء ثمينة، ويشغلون وقتهم وجهدهم في خدمته، بدلًا من التمتع به، سواءً كان مالًا، أو علمًا ،أو جاهًا …إلخ.
ومن وجهة نظري المتواضعة أعتبر بأن حب التملك من الصفات الحميدة التي يجب أن يكتسبها البشر، ويقصد بحب التملك هنا: المحافظة على الممتلكات ،والمواهب والعلوم، دون خوف وتهديد بأن تُسلب، وتُستخدم في خدمة مالكيها، وليس المعنى العقيم لوقوعه تحت تصرفها وسيطرتها، فمثلًا ما قيمة الأموال الموجودة عند شخص ما، وصاحبها لا ينعم بالراحة والسعادة؟
باختصار: السعادة هي الشعور بالرضا والارتياح الذي يصاحبه البهجة والاستمتاع بالحياة، وكل شخص يربط السعادة بشيءٍ معين يحتاجه ويملكه، لذا استمتع بما وهبك الله من الخير، ولا تحرم نفسك من هذه الهبات الربانية، فربما يأتي يوم ولن تجدها.