2024
Adsense
مقالات صحفية

نترات الأمونيوم ومرفأ بيروت

أحمد الحراصي

الكثير منا سمع عن الانفجار الذي حدث في مرفأ بيروت في لبنان الذي أسفر عن الكثير من القتلى والجرحى والذي سببه نترات الأمونيوم المخزنة في هذا المرفأ فما نترات الأمونيوم وكيف حدث هذا الانفجار؟

نترات الأمونيوم هي مركب كيميائي يحمل الصيغة (NH4NO3) وهو مسحوق بلوري أبيض يشبه ملح الطعام إلى حد ما.

وهو مركبٌ قابل للذوبانية في المركبات القطبية كالماء(H2O)، والميثانول والإيثانول الكحولي على التوالي(CH3OH),(C2H5OH)، كما أنّه مركب قابلٌ للاشتعال إذا ما تم تماسه مع مواد مشتعلة ودرجة حرارة عالية كالنار مثلاً.

يستخدم في الغالب كأسمدة زراعية نظراً لاحتوائه على كمية نيتروجين(N) بنسبة ٣٤ ٪ من(NPK) وهي ترمز إلى العناصر المستخدمة في الأسمدة بشكل عام حيث (N) يرمز إلى النيتروجين، (K) يرمز إلى البوتاسيوم و(P) يرمز إلى الفوسفور، لذا عندما يستخدم كأسمدة زراعية يجب خلطه مع مواد أخرى تجنباً لخطورته وتقليلاً من نسبة تركيزه لتقليل قوته كعامل مؤكسد قوي.

كذلك أيضاً يستخدم نترات الأمونيوم لصناعة المتفجرات نظراً لخواصه المؤكسدة القوية فعندما يتماس مع مواد مختزلة يصبح متفجراً كالألومنيوم (AL) ، كذلك يعتبر كمكون أساسي لزيت الوقود (ANFO) وهي Ammonium Nitrate /Fuel Oil، حيث يحتوي بنسبة ٩٤٪ من نترات الأمونيوم (AN) و ٦٪ من زيت الوقود (FO) لذلك فهو ماص للوقود وقابل للاشتعال وبالتالي يحدث انفجاراً.

والسؤال الآن كيف يتم تحضير هذا المركب الكيميائي؟
هناك عدة طرق لتحضيره ولعل أبرزها وأكثرها شيوعاً هو تفاعل حمض النيتريك (HNO3) مع هيدروكسيد الأمونيوم (NH4OH) لينتج ماء (H20) مع نترات الأمونيوم (NH4NO3) وهو المنتج المطلوب في مجال الأسمدة.

حدثت الكثير من الحوادث التي سببها نترات الأمونيوم ومن أهمها ما سببه في عام ١٩٢١م من انفجار في مدينة لودفيغسهان الألمانية، وآخرها في عصر الرابع من أغسطس لعام ٢٠٢٠ في مرفأ بيروت فكيف حدث هذا الانفجار؟

إن المتتبع للأخبار والصحف التي تحدثت عن هذا الانفجار الكبير الذي شبه بانفجارات هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين سيجد الكثير من الروايات والأقوال ولكن معظمها إلى الآن اتفقت أن سببها هو وجود نترات الأمونيوم في مستودع رقم ١٢ من المرفأ، والسبب هو تماس مع عملية لحام لفتحة صغيرة لمنع السرقة مما أدى لاشتعاله وأحدث انفجاراً هائلاً نتيجة للكمية الكبيرة المخزنة في المرفأ فيما يزيد ست سنوات!

والحكاية هنا تقول: في 23 أيلول 2013، أبحرت سفينة بضائع روسية تُدعى إم في روسوس (MV Rhosus)‏ وترفع العلم المولدوفي من مرفأ مدينة باطوم الجورجية، متوجهة بالشحنة إلى مدينة بيرا في موزمبيق، وعلى متنها 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم. ولدى بلوغها مرفأ اسطنبول توقفت ليومين، قبل أن تبحر مجدداً في 3 تشرين الأول، خلال الرحلة اضطرت إلى التوقّف في ميناء بيروت في 21 تشرين الثاني بسبب مشاكل في محركها.

وعند التفتيش الذي قامت به سلطات الرقابة في الميناء، قُرّر أن السفينة تعاني من عيوب كبيرة تعيق تحركها وأنها غير صالحة للإبحار، ومُنِعت إثر ذلك من الإبحار وبسبب الخطر الذي تمثله المواد التي كانت لا تزال على متن السفينة، سمح قاضي الأمور المستعجلة في بيروت للطاقم بالعودة إلى بلادهم بعد أن كانوا قد علقوا على متن السفينة لمدة عام تقريبًا.

وفي عام 2014، بأمر من المحكمة، قامت سلطات الميناء بتفريغ السفينة من الشحنة الخطرة ونقلت المواد إلى الشاطئ بسبب المخاطر المتعلقة بإبقاء نترات الأمونيوم على متن السفينة، حيث خزنتها في المستودع رقم 12 في الميناء، لتظل هناك لأكثر من ست سنوات قادمة.

وخلال هذه السنوات، أرسل العديد من مسؤولي الجمارك اللبنانية رسائل إلى القضاء اللبناني يطالبون فيها بحلّ قضية المواد المصادرة، مقترحين إعادة تصدير مادة نترات الأمونيوم، أو تسليمها إلى عهدة الجيش اللبناني، أو بيعها إلى شركة خاصة معتمدة من الجيش، تُسمى الشركة اللبنانية للمتفجرات.

وتشير الوثائق إلى أن الرسائل أُرسلت في 27 يونيو و5 ديسمبر من عام 2014، وفي 6 مايو 2015، و20 مايو و13 أكتوبر من عام 2016، و27 أكتوبر 2017. وأشارت إحدى الرسائل المرسلة في 20 مايو 2016، إلى أن مدير عام الجمارك اللبنانية شفيق مرعي أرسل التماسًا إلى قاضي الأمور المستعجلة في لبنان للإسراع في حل القضية، بعد سلسلة من الرسائل التي لم يُرد عليها، وقد ورد في ختام رسالته: «وحيث أنه لم يردنا لغاية تاريخه أي جواب من قبلكم، وبالنظر للخطورة الشديدة التي يسببها بقاء هذه البضائع في المخزن في ظل ظروف مناخية غير ملائمة، فإننا نعود ونؤكد على طلبنا التفضل بمطالبة الوكالة البحرية بإعادة تصدير هذه البضائع بصورة فورية إلى الخارج حفاظاً على سلامة المرفأ والعاملين فيه، أو النظر بالموافقة على بيع هذه الكمية إلى الشركة المعتمدة في كتاب قيادة الجيش الآنف ذكره.»
[المصدر: ويكيبيديا انفجار مرفأ بيروت 2020].

قدر الانفجار كهزة زلزالية مقدارها ٤.٥ ريختر حسب المرصد الأردني للزلازل راح ضحيتها ١٣٥ قتيلاً، وإصابة أكثر من ٥٠٠٠ آخرين، كما فقد أكثر من ٨٠ شخصاً.

في النهاية ما يجب علينا أن نفعله كي تكون هذه المادة أكثر أماناً هو إبعادها عن المواد المشتعلة والمختزلة نظراً لنشاطها الكيميائي الكبير، كذلك أيضاً يجب إضافتها إلى مواد أخرى لتجنب انفجارها كإضافتها لمادة كربونات الصوديوم(Na2CO3) لتنتج نترات كالسيوم الأمونيوم وهي أكثر أماناً في استخدامها في مجال الأسمدة .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights