مذاق هذا العيد اختلف عن الأعياد الماضية

يعقوب بن حميد المقبالي
لو تذكرنا الأعياد الماضية قبل عام ٢٠٢٠م لكادت أعيننا تنهمر دمعاً، فرحًا لذكريات تلك الأيام الماضية حيثُ كانت أعيادنا يتخللها الكثير من التجمعات الأسرية والإجتماعية، فكنا إذا جاء العيد نستعد له قبل ثلاثة أشهر بشراء أقمشة الملابس وخياطتها وشراء جميع المستلزمات مما نرغب فيه من المأكل والمشرب وشراء المستلزمات الأخرى، كلحوم الأغنام والأبقار حتى تكون جميع مستلزمات العيد متواجدة معنا في البيت.
وفي ليلة العيد نستعد لهذه المناسبة بطبخ العرسية أو الهريس وترتيب ما سنلبسه في ذلك الصباح، حتى وإن جاء فجر العيد وبعد صلاة الفجر نقوم ومعنا أطفالنا بالإستعداد التام كالإستحمام ولبس الثوب الجديد والمحافظة على التراث القديم؛ من لبس كالخنجر والمحزم وحمل البندقية والعصا، ونذهب إلى مكان نتجمع فيه مع الأهالي كالمجلس العام أو في مكان مخصص لذلك اليوم في بيوت أحد كبار السن في تلك القرية، ونتصافح ونهنئ بعضنا البعض شيبًا وشبابًا وأطفالاً، ثم نتناول شيء من تلك المأكولات التي تفننت فيها الأيادي الماهرة في طبخ العرسية أو الهريس ويتوسط ذلك الصحن السمن العماني أو بما تسمى الترشة.
ثم نذهب إلى مصلى العيد لأداء سنة صلاة العيد وقلوبنا كلها صافية بحبها لبعضنا البعض، ونلتقي في ذلك اليوم مع الآباء والأخوة والأبناء الذين لم نراهم منذ فترة طويلة، كونهم يعملون خارج الولاية أو أنهم استقروا بعوائلهم في مكان عملهم، وترى الشيب والشباب والأطفال تعلوهم الفرحة والابتسامة، وفرحة الأطفال تزداد فرحًا وشوقًا عندما يحصلون على العيدية.
بعد انتهاء مراسم الصلاة يدندن (الكاسر والرحماني)- من أنواع الطبول المستخدمة – ويتقدم واحدًا من تلك المجموعة ويسوغ أبياتًا بما يقال لها الشلة أو الرزحة، ويمشون جميعًا بصفين حتى يصلوا سبلة الجماعة، وبعد وصولهم يتقدم( المعيط) ويلقي أبياتًا ويكون في المقدمة وخلفه صاحب (الكاسر والرحماني) وبعض ممن تسلح بالبنادق، والناس يشكلون حلقة (والمعيط) ومن معه من أصحاب (الكاسر والرحماني) وحملة البنادق يمشون في الوسط حتى ينتهوا ويكبر (المعيط) تكبيرته الأخيرة.
بعد ذلك يدخلون المجلس ويتناولون الطعام وهنا يكون المجلس هو مكان لقائهم، وبعد انتهائهم من تلك المراسم؛ منهم من يتوجهون لنحر ذبائحهم من الأغنام والضأن والبقر ومنهم من ينظم الزيارات الداخلية والخارجية مع أهلهم وعوائلهم.
وتستمر تلك الأفراح لثلاثة أو أربعة أيام، ولكننا في هذا العام ٢٠٢٠م فقدنا الكثير من ذكرى أعيادنا السابقة، أصبحت صلاتنا في بيتنا وتواصلنا مع جيراننا وأهلنا ومعارفنا عن طريق برامج التواصل الإجتماعي كالرسائل أو الاتصال.
لكن علينا أن نرضى بما كتبه اللّه تعالى لنا وعسى أن تكون خيرة لنا أو تصحيح ما كنا عنه غافلين، فالحياة مستمرة والحمد لله تعالى، ولا زال تواصلنا مستمرًا مع أهلنا وجيراننا ومعارفنا وأصدقائنا.
نسأل تعالى السلامة في الأمر، والأمن والأمان لوطننا وسلطاننا المعظم العزة والسداد، ونسأل اللّه تعالى للسلطان المعظم هيثم بن طارق – حفظه الله – أن يرزقه البطانة الطيبة التي ستعينه لمواصلة البناء في عمان وشعبها وبموفور الصحة والسعادة، ولسلطاننا الراحل الرحمة والمغفرة وأن يسكنه بجوار سيدنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم في جنات الفردوس الأعلى.