سعود الحميدي: الكتابة بالنسبة لي هي قلبٌ آخر أعيش به
حاورته: لطيفة البوعينين
شغفه القلم حباً، وأدخله إلى عالم الكتابة حيث يسامر فيه اللفظ والمعنى، ويصنع منهما عقوداً من الجمال. إنه الكاتب / سعود الحميدي.
* من هو سعود الحميدي؟.
كاتب سعودي, أحمل شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، عملت في المجال المصرفي, وأنا الآن أعمل في مجال الأعمال الحرة بالإضافة لممارستي شغف الكتابة.
* كيف وجدت نفسك في عالم الكتابة رغم اختلاف تخصصك الجامعي وعملك المصرفي؟.
لقد لعبت الصدفة في كثير من الأحيان دوراً محورياً في حياتي, فبرغم تخرجي من الجامعة لأعمل بنفس تخصصي في المجال الدبلوماسي (الذي لم استمر فيه سوى لفترة قصيرة) إلا أن الصدفة قادتني للعمل في القطاع المصرفي الذي يختلف تماماً عن تخصصي العلمي، وبالرغم من عملي المالي الصرف الذي لا يمت بصلة لمجال الأدب إلا أن اهتمامي بالأدب ساقني إلى دروب الكتابة.
* كيف كانت بدايتك مع الكتابة؟.
أعتقد بأن الكتابة الحقيقية تبدأ من القراءة, فهي أصل الحكاية ومبتداها. وأنا اعتبر نفسي قارئاً نهماً منذ أن اكتشفت عالم القراءة وأنا غرٌ أجلس على مقاعد الدراسة. كما يعود فضل ممارسة القراءة في سنوات المراهقة والشباب الأولى إلى أنها درّبت أصابعي على كتابة الخاطرة في المفكرة الشخصية التي كانت تتنقل بين أيدي الأصدقاء والأقارب, ثم كتابة المقالة في الصحف المدرسية إلى المشاركات في صفحات القراء في الصحف المحلية, ثم إلى كتابة المقالات والنصوص, وأخيرا الدخول لعالم الرواية الرحب.
* ما الذي جذبك إلى الكتابة؟.
الكتابة فن صادق وحقيقي, يتفتق معه البوح الإنساني ويعطيه صفة السمو, ويخلّده, يجعله كائن حي له قلب يشعر ولسان يُعبّر وأيدي تلمس واقع الحياة والإنسان وأقدام يمشي بها بيننا ليأخذنا إلى مشارف وأبعاد أخرى. لذا كانت الكتابة بالنسبة لي هي قلب آخر أعيش به, ولسان آخر أتكلم به, وأيدي وأرجل إضافية أتخطى بها قدراتي العادية كإنسان.
* من بين مجالات الكتابة المتنوعة، ما هو المجال الأقرب إلى قلبك؟.
الرواية بالتأكيد, لأنها فن أدبي ساحر ومثري. ولأن الإنسان كما يقولون كائن حكاء, فالرواية جاءت لتتوج حكاية الإنسان ولم تأتِ كترف أدبي أو وسيلة لقضاء وقت فراغ كما يعتقد البعض. فبواسطة هذا الفن الأدبي يتم طرح ومعالجة موضوعات ذات صلة بالإنسان والمجتمع وذلك بلغة أدبية راقية, سلسة ومفهومة بذات الوقت. لذا كانت هي الوسيلة الأجدى في توصيل فكر الكاتب لما لها من قدرة على مخاطبة عقل ووجدان القارئ في آن واحد.
* لينشئ الكاتب نصاً ناجحاً لا بد أن يكون هناك فكرة مميزة ومحتوى غني فمن أين تستوحي أفكارك؟.
أستوحيها من تفاصيل حياتنا اليومية, فالبشر قصص وروايات تمشي على الأرض تحتاج إلى أن نقرأها ونكتب عنها ولنعيد أيضاً كتابتها مرات ومرات, وذلك لنفهم ماهيتنا, ولنجد أجوبةً حقيقيةً للأسئلة المحيرة في حياتنا.
* حدثنا عن أول نص كتبته.
في الحقيقة كل نص أكتبه يشعرني بأني أكتب للمرة الأولى, لذا فإني أؤكد على نفسي أولاً وقبل الآخرين من أنه إذا لم يكن النص جديداً ومختلفاً فلا تكتب.
* هل لديك أعمال منشورة؟.
غالبية كتاباتي هي مقالات ونصوص أدبية منشورة في الصحف. لدي روايتان, الأولى منشورة باسم تراتيل الحب والحرب, والأخرى جاهزة للتوزيع, إلا أن الناشر ارتأى التأني في طرحها بالسوق خلال الوقت الحالي نظرا للظروف التي خلقتها الجائحة ويمر بها العالم أجمع.
* حدثنا عن رواية تراتيل الحب والحرب وعن المدة التي استغرقتها في كتابتها.
تتحدث الرواية عن العلاقة بين الأضداد في حياة الأشخاص، كالصراع الذي يدور في أرواحنا، بين القلب والعقل. كالعلاقة بين الأنا والآخر. كقيود الواقع ووهم الحرية، كقوالب المجتمع ومحاولة الفرد التمرد على خطوطها الحمراء. كحقيقة المبادئ التي نؤمن بها وبين ما نمارسه على أرض الواقع. كل ذلك جاء من خلال قصة حب حدثت في زمن الحرب.
أما بخصوص المدة التي استغرقت في كتابتها, فقد أخذت مني وقتاً طويلاً تجاوز مدة السنة والنصف تقريبا. لقد حاولت بشكل مكثف الخوض في التفاصيل وذلك لخلق وإبراز الصورة العامة والكاملة إلى حد يرضيني ويحقق ما أردت أن أصل إليه من خلال الرواية. فأنا مؤمن تماماً بأن في التفاصيل تكمن قصص داخل القصص.
* كيف وجدت إقبال جمهور القراء على الرواية؟.
ردود أفعال القراء كانت رائعة بالنسبة لي ولله الحمد, وقد لمست صدى استحسان القراء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي اختصرت كثيراً المسافة بين الكاتب والقارئ.
* ماذا سيقدم الكاتب سعود لقرائه من أعمال في المستقبل؟.
أعمل على مسودة كتابين أحدهما رواية مزجت فيها بين أسلوب الفانتازيا والأسلوب الواقعي, حيث تدور الأحداث في الجزيرة العربية في الفترة ما بين أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
* كلمة أخيرة توجهها للقارئ والكاتب.
للقارئ:
لا تلتفت دائماً إلى الترشيحات التي تقدمها لك دور النشر وبعض المواقع الالكترونية, وتصنيفاتها حول أكثر الكتب مبيعاً أو قراءة أو عدد الطبعات لكتابٍ ما. نصيحتي بأن تمسك الكتاب بيدك قبل أن تبتاعه, تصفحه بشكل سريع، فإن وجدت بأنه قد جذبك من الفقرة الأولى, وأغراك في مطلع الفصل الثاني, وخلق لديك الدهشة في أي فصل لاحق, فهذا هو الكتاب المنشود.
للكاتب:
أولاً: الأدب ليس الغموض التام, بل هو البساطة, لكن دون الإكثار من الإيضاح. وفي حقيقة الأمر فإن أصعب شيء على الكاتب أن يكتب بلغة متناغمة وبسيطة دون الإغراق بالوضوح, وبحيث تدفع القارئ بأن يكتشف بنفسه الصورة التي رغب الكاتب في إيصالها له دون ابتذال.
لذا على الكاتب أن لا يتعالى على القارئ ويستعرض عليه مهارات لغته الأدبية أو غموض الطرح, فقد ينفر القارئ من هذه النوعية من الكُتاب أو الكتب.
ثانياً: عندما تنتهي من المسودة الأولى لكتابك. اقض جل وقتك في تنقيح وإعادة كتابة المسودة لأكثر من مرة, وذلك قبل أن تدفع بها للنشر. يجب أن تكون هذه المرحلة أطول بثلاث مرات وأكثر من كتابتك للمسودة الأولى. فالواقع يؤكد بأن الكتابة مثلها مثل أي عمل في هذه الحياة، إن لم تُكتب بمجهود لن تُقرأ بفائدة.