2024
Adsense
مقالات صحفية

إن مع العسر يسرا

بدالله بن حمد الغافري

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى أصحابه يوماً وهو يبتسم، ويقول: (لن يغلب عسرٌ يسرين) ، الله أكبر ما أجلها من بشرى وما أعمقه من يقين برب العالمين وبالأقدار التي يكتبها. سبحانه لعباده.. ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ)) [آل عمران ١١٠].
إن خيرية هذه الأمة ليست نسبية ولا مالية ولا وجاهية ولا هم يحزنون؛ إنها خيرية الخير كله، خيرية تقوم على حب المجتمع والتناصح بالمعروف والحرص على ما يقوي دعائمه ويحفظ أركانه ويحمي بيضته.. نعم هو كذلك فلذلك استحقت هذه الأمة هذا المديح والثناء من رب الأرض والسماء.

واليوم ونحن نواجه هذه الجائحة ونطبق الحظر الجزئي للحركة فإننا نؤكد على ثقتنا التامة بالخالق سبحانه بأن يتفضل علينا بالشفاء وعلى هوائنا بالنقاء وعلى بلادنا بالصفاء وعلى قلوبنا بالرضى والوفاء.

وبالرجوع إلى الحديث الشريف ومقاصده وبإسقاط مراميه على حالنا اليوم نجد أن الوباء عسر _ لا شك في ذلك_ لكن لدينا يسر عظيم لمواجهته، إنه الله سبحانه وتعالى، فبقوته وحوله لن يغلبنا فيروس كورونا ولا غيره، فكلمة (كن) من لدن الحكيم الخبير تبطل مفعول كل داء، وتبيد كل جائحة وتزيح كل هم، كما أن لدينا مجموعة من اليسر التي تفضل بها علينا خالقنا جل في علاه؛ فنحن نعيش بأمان واطمئنان بحمد الله كما أن سبل العيش ميسرة للجميع وأن الاحتماء في البيوت ليس إلا نهجاً استراتيجياً تستخدمه جميع المخلوقات للفرار إلى أقدار الخير ((يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) ) [النمل ١٨] و ((وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ) ) [المؤمنون ٥٠]، وهذا نبي الله موسى عليه السلام يأوي إلى دار مدين (( قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) [القصص ٢٥].. بلدة طيبة ورب غفور؛ فلا تقنطوا من رحمة الله، ولا تيأسوا من رَوحه؛ فهو سبحانه مصرف الأمور ومقدر الأقدار، وما على البشرية إلا التسليم له والرضا بما قضى، فهو لطيف بعباده، أرحم بهم من أنفسهم، ومهما أدلج الليل وأرخى سدوله فانبلاج نور الفجر أضحى ضرورة ملحة يقدرها الخالق سبحانه متى ما شاء ليزيح البلاء، فالأكف ارتفعت والحناجر بحّت والدموع انسكبت والعباد سلموا أمرهم لخالقهم وأيقنوا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه.

كما أن اتباع التعليمات والتقيد بالإجراءات هي من أسباب اليسر التي بسطها الله سبحانه والتي يجريها على يد من أوتي الحكمة، وما على العباد إلا الأخذ بالأسباب التوكل على الله جل في علاه وحسن الظن به سبحانه.

ورُبّ ضارة نافعة فكم من مغاليق فتحت بسبب هذه الجائحة، وكم من أمور تيسرت ما كانت لتخطر على بال، وما أدرانا أن الله قد دفع عنا وعن كوكبنا شروراً وأخطاراً لا يعلمها إلا العزيز العليم الذي تجري كل المقادير على يديه سبحانه.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
ربنا اصرف عنا هذا الوباء ونجنا من شره، وأخرحنا منه أجمعين سالمين غانمين، واحفظ بلادنا ومجتمعنا وسائر بلاد المسلمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين .. والحمد لله رب العالمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights