حكايا
عصام بن محمد الصولي
السودان
أحدثكم اليوم عن بلدي السودان -جوهرة أفريقيا- و كنزها العامر بالدرر و النفائس و حارس البوابة الجنوبية للوطن العربي و سلة غذاء العالم.
حباه الله بملايين الهكتارات البكر من الأراضي الزراعية و التي لو تم استغلالها الاستغلال الأمثل لوفَّتْ و كفت و لعم خيرها البعيد والداني. علاوةً على الملايين من الثروات الحيوانية بأنواعها المختلفة من أبقار .. ماعز و الضأن و ما أدراك ما الضأن السوداني.
في بلدي تتعدد المناخات و تتنوع ما بين استوائية و شبه استوائية و صحراوي و مناخ الشرق الأوسط أيضا. هذه المناخات المتنوعة أسهمت أيما إسهام في تنوع و وفرة المحاصيل الزراعية على طول العام. فأرض السودان المعطاء تنتج القمح و الذرة و هم يعدان الغذاء الرئيسي لأهل السودان و تنتج الدخن و الشوفان و الخضروات بأشكالها و أحجامها و كذلك الموالح و البطيخ السوداني الشهير على أن أهم ميزة تفضيلية يتمتع بها القطر السوداني هي أننا البلد الأول عالميا في إنتاج الصمغ العربي و أيضا تنتج بلادنا “الكركديه” .. “التبلدي .. هذا المشروب الرائع” و الليمون.
و تشتهر سهول السودان بمياه جوفية عذبة بخلاف مياه النيل الذي يختال مرحا حبورا يشق الأراضي السودانية من منبعه إلى مصبه.
و حوله نشأت أعرق الحضارات على الإطلاق و التي تفوق الحضارة المصرية القديمة كما قال بذلك عالم الآثار السويسري الشهير “شارل بونيه” و الذي قضى 50 عاما ينقب تحت الأرض السودانية ليخرج مكتشفا كل عام سرا من أسرارها العظيمة. و يفتح النوافذ مشرعة أمام شرفات التاريخ لتحكي للعالمين سرَ بلدٍ أنهكته الحروب الأهلية لعقود و شغلَ أناسه الخلاف على الإنصراف للتنمية و التعمير و لو فعلنا لكان لنا الصدر على العالمين و لكن!! و آه من لكن.
أما عن ثقافاته و موروثاته فالحديث عنها له شجون يطول و يطول و يكفي فقط لو قلنا أن تعدد البيئات و المناخ أنتج معه تباينا فريدا في السحن و الأعراق.
فالسودان عبارة عن فسيفساء زاهية الألوان ففي أقصى شمال السودان تتركز القبائل النوبية و أشهرها الحلفاويين .. السكوت .. المحس و الدناقلة، و إلى الجنوب منهم مباشرة الشايقية .. الرباطاب و المناصير، يليه الجعليين كبرى الفئات العرقية و أشهرها في السودان.
و في الخرطوم تجد كل السودان هناك في تعايش اجتماعي عجيب .. تذوب القبيلة في النسيج الإجتماعي فلا يكاد يتذكر الإنسان الخرطومي قبيلته التي انحدر منها و يُعَّرِّف نفسه بأنه خرطومي و ابن العاصمة و كفي. و هذا أسهم كثيرا في رتق النسيج الإجتماعي و حد من غلواء التشاحن المفضي للنزاعات و الحروب.
أما وسط السودان فتقطنه قبائل البطاحين .. رفاعه .. الحلاويين .. كنانه و الكواهلة و خلافهم. بينما يتمدد المكون الزنجي في غرب السودان و جنوبه قبل الإنفصال و استقلال دولة جنوب السودان عن السودان الكبير.
هذا الثراء الإثني لأكثر من 500 قبيلة حفل بآلاف التقاليد و المعتقدات فلكل قبيلة غنائها .. حدائها .. رقصاتها .. فلكورها .. منتجاتها اليدوية .. تباين أطعمتها و نوع معمارها و لذلك و بالرغم من فقر الإنسان السوداني إلا أنه ظل محافظا على عاداته الإجتماعية الكريمة فالسوداني كريمٌ شجاعٌ .. حكيمٌ و أمين.
عرفتهم بذلك الشعوب العربية و كل البلاد التي جعلوا منها دار اغتراب و ما انفكوا يعضون على تلك القيم النبيلة مهما جفا بهم الزمن أو سخط منهم و أدبر.
و عن السياحة في بلدي فحدث و لا حرج .. لو زرت مرةً “جبل مرة” يعاودك حنينا طول السنين و تتمنى “مرةً” تزورها “مرة”.
و عن شرق بلادي هناك منتجع أركويت ذو المناخ البحر أوسطي و ساحل البحر الأحمر في بورسودان ذي الشواطئ الواسعة و المياه الزرقاء التي يرقد في بطنها الدر .. المحار .. الأصداف و الشعب المرجانية مما جعلها قبلة لطالبي السياحة من عرب و إفرنجة.
و أقول ختاما لرؤوس الأموال العربية من الباحثين عن الثراء الحلال أن هلموا استثمروا في السودان بلد المليون مشروع ..لو أردت فالزراعة مضمونة أو راق لك التصنيع فبلادنا ترحب بكم أو في السياحة و التجارة و كل صنوف الاستثمار.