التبسيل ظاهرة (اجتماعية/اقتصادية)
سعيد بن أحمد القلهاتي
موسم أو عادة التبسيل تعتبر إحدى العادات العمانية الأصيلة المتوارثة والتي أبدع فيها الإنسان العماني في إتقان مزاولتها وهي ظاهرة (اجتماعية/اقتصادية) بحد ذاتها ، حيث يسعى من خلالها من يقوم بمزاولتها إلى تعدد محاصيل منتوجات نخلته فهناك محصول الرطب والتمر وما ينتجه من عسل النخل بالإضافة إلى “الحشف” الذي تتغذى عليه مختلف أنواع الماشية وهو النوعية المنتقاة من التمر ، وهناك من يمتلك نخلة المدلوكي والبونارنجة والمبسلي والتي يتمكن من خلالها الإنسان العماني من مزاولة عملية التبسيل منتجاً بذلك محصول البسور ليضاف ضمن منتوجات النخلة .
إنَّ عملية التبسيل في مختلف محافظات وولايات وقرى سلطنة عمان لاتختلف في نوعها وكيفيتها فهي تمضي على نمط واحد وفق مايقدمه ذوي الخبرة والمهارة من تقنية متناهية الدقة في أعمال التبسيل .
وقد أردت من خلال هذا المقال عبر هذه السطور المتواضعة أن أضع القارئ الكريم في صورة واضحة لمراحل عملية التبسيل بدءً من الشروع في التبسيل وحتى مرحلة النقل إلى الجهة المعنية في البلاد، وذلك من خلال متابعتي لهذا الجانب مع الأشخاص الذين يزاولون هذه العملية والذين لهم الخبرة والإلمام بعملية أداءها .
وأول ما يقدم عليه الذين يحيون هذه العادة هو الاستعداد : –
“بداية الاستعداد”
إنَّ بداية الاستعداد لهذه التظاهرة تبدأ ما أن يتحول لون ثمرة النخل المستهدف للتبسيل إلى اللون الأصفر ويبدأ الرطب لبعض أصناف النخيل كالمدلوكي والبونارنجة والمبسلي في العدد والتباشير ، وعندما يُلاحظ أن كمية الهماد في النخلة تصل إلى مايعادل ملئ قفير – حينها تبدأ الاستعدادات لموسم التبسيل من حيث إعداد “التركبة” وهي التي توضع فيها المراجل والقدور لغلي البسور وإعداد وتحضير الحطب ، بالإضافة إلى توفير العمالة الماهرة لعملية الجداد و جني المحصول ، حيث يحدد يوماً ما للتبسيل الذي يبدأ بالجداد وعملية عزل البسر الجيِّد عن الرديئ والفاسد كالحشف والخشاش ، حيث تجد يشارك في عملية التبسيل كل أبناء الأسرة وجيرانهم من الأطفال والنساء والرجال يسودهم التكافل والتعاون والتآزر والتعاضد ، ويتم نقل المحصول من المال إلى التركبة ، وهناك يتم غلي البسر .
“عملية غلي البسر”:
وعادة ماتبدأ عملية غليِ البسر بإشراف أهل الخبرة والمهارة والدراية الذين عايشوا هذه التظاهرة حيث لها حساباتها من حيث كمية المياه والنار والوقت اللازم لكي يتحول البسر إلى النضوج التام ، وتختلف المقاييس من تركبة إلى أخرى ، حيث يتم وضع البسر في المرجل وبعدها يقوم أحدهم بخلط البسر وإضافة الماء بنسبة متوازية مع حجم المرجل وكمية البسر الذي به ثم يتم إخراج البسر ويطلق عليه في هذه المرحلة “الفاغور” في بعض المناطق في السلطنة ، بعدها يتم نقله إلى المسطاح لتتم عملية التجفيف الطبيعية تحت أشعة الشمس .
“مرحلة التيبيس”:
وبعد نضوجه يتم وضعه على شكل أكوام لبرهة من الوقت ثم يتم فرشه في المسطاح لفترة من الزمن تصل إلى عدد من الأيام حسب قوة حرارة الشمس بعدها يقومون بتقليبه وهكذا يمكث في المساطيح حتى ييبس ويجف تماماً .
“مرحلة التعبئة”:
بعد ذلك يتم تعبئته في أكياس “الجواني” ويسمى ذلك بالتقفيع” أو التكييس أو التعبئة ، ومن ثم يتم تصديره إلى الجهة المعنية بوزارة التجارة والصناعة لوزنه وتقدير قيمته الشرائية .