بالإصرار تتحقق الأمنيات
إلهام السيابية
أمسك بدر بملفه الخاص وهو ينظر للجالسين بجانبه ، كم ستكون فرصته في القبول ضئيلة؟ هل سينجح في اختبار المقابلة وأمامه كل هؤلاء المتقدمين ؟ كل منهم يفتخر بأهله و بشهادته وخبراته وماذا لديه هو؟؟ لا شيء يستحق الذكر ، ولا شيء جديد لديه ليخسره ، تنهد بحسرة ، نعم خسر كل شيء والأهم في حياته هي الإنسانة التي أحبها بجنون ولم يبُح بحبه لها أو لأي أحد ، بل تركها تواجه تحديات كبيرة من كل من حولها ، بدون أن يمد لها يد المساعدة ، لمجرد أن قلب صديق عمره تعلق بها وأرادها لنفسه ، ولكنها تركتهم ، لا تريد أن توجع رأسها ولم تترك له فرصة ليوضح لها موقفه ، فهي في نهاية الأمر تبقى حبيسة في قلبه ، سارة كم اختلجت جوارحه بألذ عبارات الشوق إليها ولكنه كان يرفضها لأنها لا تليق بأن يضمها لقائمة مجموعته ، فهي ابنة رجل معروف وثري لديه من المال والسلطة ما يفتح لها الأبواب المغلقة ، أما هو فإبن رجل فقير عركته الأيام والسنين وعلمته قيمة المال وأهميته ، لم يحاول أن يستغل وجوده بجانبها في مدرجات الدراسة بل كان يحترم تفانيها وثقتها في نفسها وبساطتها ، كانت رقيقة كالوردة الندية ، متواضعة ، اجتماعية ، تساعد الجميع بلا استثناء لم يكن يهمها المال أو سمعة أبيها المعروفة ، بل كانت تريد أن تثبت وجودها هي وتضع بصمة ظاهرة وواضحة للجميع ، مما لفت انتباه الكثير ممن حولها من الفتيات حسدا وحقدا ، والشباب رغبة ورهبة، ولكنها لم تعطي أية أهمية لكل الحديث الذي يدور حولها فهي لديها هدف واحد فقط وهو الطموح ، وأن عليها أن تحققه وتصل إليه، لفتت أنظار الكثير من الشباب بحيائها وخجلها الذي فقدته كثيرا من بنات جنسها، اللواتي تمردن على ذويهم في ملبسهم وطريقة حديثهم ، تجد الفتاة منهم تقف أمام الشباب بلا خجل لتحادث زميلها وتتضاحك معه بصوت مرتفع لتثير بحركاتها استياء الكثير من الشابات المحترمات ، ولكن سارة رغم غناها إلا انها بسيطة الملابس محتشمة ، مما لفتت أنظار الشباب لها ولحجابها وجمالها، ومن بينهم(انا) بدر الذي لم يخسر مواجهة مع أي فتاة ، لكن سارة كان لها وقع غريب في نفسه ، لم يعرف الحب يوما ولم يجربه بل كان يخدع الفتيات بمسمى الحب ، أما سارة كانت مطلب كل من يراها من الشباب ، جميلة لحد الجنون لدرجة أن كثيرا من الفتيات يتأملنها بإعجاب وحسد ، لكنها لم تبالي بكل ماحولها ، بل ضربت بكل نظرات الإعجاب وهمسات الحب ورسائل العشاق عرض الحائط.
كان لبدر صديق مقرب (خالد) ورغم استهتاره وتهوره ولكنه طيب القلب ، تعلق قلب خالد بسارة منذ أن رآها فأخبر صاحبه بذلك الحب ، وبالرغم أن خالد من عائلة غنية إلا أنه تربى على الدلال والحصول على كل ما يريد ، وكانت سارة هدفه ومبتغاه ، كان في البداية حبا ولكنه تحول بعد ذلك رغبة في تملكها ، وبرغم محاولاته العديدة والضغط على أبيه ليخطبها له إلا أنها رفضته ، فتحول الحب والتملك للانتقام ، وطلب من بدر أن يشاركه لذة الانتقام إلا أنه رفض أن يكون له دور في إيذاء سارة ، حبة المدفون.
حاول بدر أن يثني خالد عن انتقامه فتعاركا معا ، فوصفه بالجبن وعدم الوفاء له كصديقه الوحيد وهو الفقير المعدم.
ماتزال كلماته ترن في أذنه وكأنه يسمعها حاضرة: انتشلتك من العدم للوجود الآن تخونني من أجلها.
هنا صمت بدر وخرج بعيدا متواريا عن نداء صديق عمره ، لقد كانت لحظات الحقيقة صعبة ولكنها قاسية ، أنهت بها علاقة صداقة دامت عمرا طويلا في لحظة.
بعد أن أنهى بدر دراسته الجامعية تقدم لعدة وظائف ولكن لعدم وجود الخبرة الكافيه لديه كان طلبه يرفض ، أما خالد فلقد توظف في شركة أبيه. وبقي بدر يبحث غير مبال بالرفض المستمر ، وعمل في عدة أماكن لفترات مؤقتة بوظائف لا تناسب شهادتة الجامعية ولكنه رفض أن يعود لذل الصديق لكي يقدم له المساعدة ، وبقي مصرا على البحث معتمدا على نفسه ومتوكلا على الله، وهاهو اليوم ينتظر دوره في إجراء مقابلة للعمل ، فتح باب قاعةالمقابلة ، تفاجأ بترؤس سارة فريق المقابلات ، فبادرته بابتسامة مرحبة وقالت :
لقد وصلت لهدفي ، فهل تريد أن تصل أنت أيضاً لما تريد؟
أجابها بكل ثقة : الدليل وجودي هنا بينكم .
أنت شاب خلوق وأنا أبحث لشركتي عن من أثق بهم ، ومتاكدة من معدن نفوسهم النظيفة ، فمرحباً بك كعضو جديد في الشركة .
أجل من يطمح للوصول لهدفه عليه أن يسعى لتحقيقه بكل جد ، فمن سار على الدرب وصل .