2024
Adsense
مقالات صحفية

إلى أين نحن ماضون؟

هلال بن حميد المقبالي

منذ ظهور جائحة كورونا في العالم، والكل يناشد المجتمعات محليا وعالمياً، أن السبب الرئيسي والأساسي في التقليل من خطر العدوى تكمن في التباعد الاجتماعي و غسل الأيدي بالماء والصابون، والابتعاد عن الأماكن العامة، والمزدحمة، و ها نحن الآن في الشهر الرابع، من بعد صدور الأمر السامي بتشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، في 12/3/2020‪ م، والتي كان هدفها الأسمى هو الحد من انتشار الفيروس، واحتواء المصابين بالمرض، والنأي بهم عن الآخرين، و بث التوعية وإصدار القرارات و التعليمات، المصاحبة لتوجيهات اللجنة و أهدافها، و لكن وللأسف الشديد البعض منا رمى بكل الجهود المبذولة، واستباح هدر الطاقات والماديات ، واستمر في استهتاره، واستهانته بالأمر، رغم كل التحذيرات التي نشرت، ولا زالت وسائل الإعلام تبث التحذيرات التوعوية، والضوابط الاحترازية، وتطالب الجميع بتطبيق الإجراءات الوقائيه، فإن زحف الفيروس وانتشاره قاتل!!

إن تجنبنا لكافة أشكال التجمعات، والتقيد بالتعليمات والضوابط الإحترازية، يعكس ثقافتنا و وعيّنا بأهمية سلامتنا و سلامة المجتمع، و يغرس فينا حس المسؤولية ، و يدعم جهود الجهات المختصة ، لاحتواء أزمة جائحة كورونا (كوفيد 19)، ولكن ما رأيته و للأسف الشديد في إحدى القرى يناقض هذا التوجه و يضع خلفه عدد من عبارات التعجب!!! والتساؤلات ؟؟؟،
الأسبوع الأول من شهر يوليو المجيد، طلبت غرضاً ما من محافظة البريمي وكان التنسيق ان استلم الطلب عن طريق مندوب التوصيل، والذي تواصل معي وحدد لي التاريخ و وقت و مكان الالتقاء، و الذي سيكون في إحدى الولايات على طريق الباطنة العام، والقريبة من ولاية الرستاق ، تحركت للموعد وكان بعد صلاة العصر مباشرة، وقرب وصولي للموقع المحدد، اتصل بي المندوب معتذراً بأنه سوف يتأخر قليلاً عن الوقت المتفق عليه لظرفٍ خاص، و خوفاً من ملل الانتظار قررت أن أتجول في الأماكن القريبة من الموقع، وكان سوق الولاية، والحارات القديمة أقرب الأمكنة و التي لايبعد إلا بضع كيلومترات، ذهبت لاتفاجأ بازدحام شديد في الشارع المؤدي إلى السوق ، وحركة النساء لا توصف قرب محلات الخياطة وبيع الملابس الجاهزة، فمعظم هذه المحلات متركزهة في موقع واحد، مما شكل حركة ازدحام ، و تواجد كثيف من المتسوقين، _ المتسوقات على وجه الخصوص _، فعلى الرغم من ارتدائهن للكمام إلا إنه لا يوجد أي تباعد جسدي بينهن، يخرجن، ويدخلن المحل الثلاث والأربع نسوة مع بعض، أشاهد ذلك الموقف وأنا منتظرا حركة السيارات البطيئة أمامي، واصلت مسيري باتحاه الشاطئ ، مروراً بالمنازل القديمة القريبة من الشاطئ وهنا طار عقلي مما لاحظته ، تجمعات نسائية وأطفال بين المنازل، وفي الجانب الآخر هناك بعض التجمعات الرجالية على الشاطئ ، ناهيك عن وجود عدد من الشباب يمارسون لعبة كرة القدم و الركض والمشي على الشاطيء بشكل جماعي ، يمارسون هواياتهم، وتجمعاتهم بكل أريحية وعلى امتداد الشاطئ ، سألت نفسي متعجباً !! هل هؤلاء لم يصلهم وجود فيروس منتشر في جميع أنحاء العالم؟
اذا كان قد وصلهم فأين الالتزام إذاً ؟
مشاهد يتوه فيها العاقل، وينفطر لها قلب الحليم، فأين هؤلاء من كل ما يدور حولهم من تعليمات وتنبيهات؟ ، وأين هؤلاء من ضوابط الالتزام ، و التباعد الجسدي، والاحترازات الوقائية الأخرى ؟
فمن المسؤول في حالة ارتفاع عدد حالات الإصابة، أو الوفيات في هذه الولاية؟

إن مثل هذه السلوكيات والتصرفات، ألا ينبغي الوقوف عليها بقوة وحزم وتجريم ممارسيها؟
هذه قرية لا تتعدى عدد منازلها الخمسون منزلا، وهذا حالها، ولا يقتصر الحال فقط على هذه القرية، فربما هناك العديد من القرى في ربوع المحافظات على نفس الحال ، و لولا هذا الاستهتار من البعض لما زادت الإصابات بين المواطين بنسبة تجاوزت ال 70‰ من إجمالي، عدد المصابين ، والتي تابعنا أعدادها بتخوف تام منذ نهاية إجازة عيد الفطر السعيد، ولا زالت في تزايد مستمر، فأين حس المسؤولية المجتمعيه؟ و الوعي بخطورة الموقف؟

إن الالتزام واجب وطني، أخلاقي، إنساني ثابت، يستلزم من الجميع القيام به والمداومة عليه للصالح العام، فنحن الآن في قارب واحد إن التزمنا سلمنا ونجونا، وإلا فالمصيبة أعظم.

إن الالتزام بكافة الإجراءات والتدابير الوقائية للحماية من عدوى فيروس كورونا (كوفيد 19) ليست بالشيء الصعب أو المستحيل، إنما هو إدراك و وعي للملتزم دون غيره، إن الاهتمام والالتزام بالمحافظة على التباعد الاجتماعي والمسافة الآمنة عن الآخرين، بما في ذلك مكان العمل والأماكن العامة واستخدام الكمام الطبي وتجنب الزيارات الاجتماعية، كلها أساليب تساعد في التقليل من احتمال الإصابة بالفيروس، وهي مفروضة على الجميع، ومن الخطأ من يعتقد إن هذه الضوابط الإحترازية قيداً علينا يمنعنا حريتنا، ولكن هي ضوابط التزامية وضعت لحمايتنا وحماية الآخرين،.

إلى أين نحن ماضون مع هذا الفيروس البغيض التي يحلو له أن يستعمر أجسادنا ويكوّن مستعمرته و يحصن نفسه ليدمر دفاعاتنا ويضعفها ، ويقوي نفسه ليغزوا جسداً تلو الآخر ، مستغلاً جهل واستهتار البعض بخطورته، فما ذنب من التزم واحترز، ثم أصيب بالفيروس رغم احترازه والتزامه، كيف ستكون المعادلة؟

أما آن الأوان أن تكون هناك كلمة الفصل من قبل الجهات المختصة في الدولة، تكبح زمام اللامباة، والاستهتار المطلق من البعض لهذا الفيروس، والوقوف بحزم مع هذه التصرفات التي هي البلاء الحقيقي و المساعد لهذا الوباء، وما ذنب الأشخاص الملتزمين بكل الضوابط الاحترازبة يعيشون بخوف وقلق خوفاً من العدوى، مما يشاهدوه من تصرفات الآخرين بعدم التقيد والاهتمام بالتدابير والضوابط الوقائية و الاحترازية ؟.

إن التزامنا الآن بالتباعد المجتمعي سيضمن بعون الله تقاربنا غدا بأمن وأمان ويسر، و الالتزام بالقرارات والإجراءات الوقائية، والضوابط الاحترازية التي اتخذتها الحكومة للوقاية من فيروس كورونا (كوفيد 19) يجسد مفهوم المواطنة الحقة، و المسؤولية المشتركة. فالالتزام بمعناه العام هو وجوب الوقوف عند حدود معينة فرضت وحددت لنا بمبدأ معين، لتجاوز محنة ما.

حفظ الله عُمان و من عليها من كل بلاءٍ ووباء.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights