شوق وحنين…
خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي
أمضي حيث الحنين؛
أُلامِسُ عَبَقَ الماضي ..
وَعَهْدَ السنينَ الجميلة ..
أشتاق للذكرى…
بين بيتي والخميلة..
بين بيتي والضواحي ،
بين ضحكات الأصيل..
عند تلك الفسائل والنخيل..
أُقلِّبُ جداول السواقي،
والسهولِ والفيافي ..
أبحثُ عن ظِلْ يأويني ،
من حرارةِ ولهب الحنين..
أو ماء يروي ظمأي ،
من عطش الشوق الأليم..
وأبحث عن مرآةٍ لأرى تجاعيد، وجهي والزمن ..
لأستعيد النظارة والبشارة ..
آهٌ يا عيني كيف أنسى..
وآهٌ ثم آهٌ ،
كيف تغيبُ عني المآقي..
وكيف أُشبعُ رغباتي لأنسى..
ليرتاح جسمي وعقلي،
لأمضي مسافراً بعيداً عن الصخب..
أُحْلِّق بجناحي مع طيور الفرح،
أستعيدُ أنفاسي ..
لأبتهج من جديد ..
لأقرأ الماضي بنسخته المنقحة،
وأفتح صفحة الحاضر بياضاً ..
كغيوم المزن الناصعة الماطرة،
ويكون كتابي حينها جديد،
وحاضري جديد..
وروحي شاهدة..
تدون وتتنفس..
مدادها أقلام الشواهد..
ودفتي كتابي منقوشةً ،
بزخرف الفسيفسائية المنفردة..
تجذب عيون المتشوق ،
وتلامس القلب قبل العين..
لتستجدي الشوق والحنين ،
لتسطر الذكريات ..
لتكون حاضرة بعبق الماضي الجميل…
يا أيها الشوق والحنين:
هل تسمعاني؟
أو تكلماني عن نفسكم قليل؛
هل أنتما جماد ناطق !
أم لسانٌ متحرك !
هل تعرفان بعضكما من قبل!
أم أنكما توأمان ولا تعلمان !
وهل تعرفان من أنا؟
أنا عاشق الذكرى ..
والحنينَ للماضي ..
والشوقُ للحاضر ..
فالحنينُ أضناني..
والشوقُ أشجاني ..
أحِنُّ للأيام الخوالي بذكراها الجميلة ،
وأُحِنُّ للماضي لأعشق الحاضر ،
لأعود للحِاضر بحنين وشوق ..
تحملني حكايات المُعَاصِر
وأستذكر أبتسامات الطفولة،
التي كبرت وأضحت ضحكات ..
وشقاوة المراهقة التي عَقُلَتْ ،
وتعيدنا لقصص الكبار، والروايات الخيالية…
أنا العاشق حيث أسافر..
أربط الأحداث حيث أمضي..
روحي تتناغم لمشهد يشدني،
لاستذكر التلاحم الخفي..
وقوة المآثر الجليَّةَ التي كانت،
فأصبحت بعضها نادره الوجود..
وبعضها فنت مع الريح العاتية،
وأمواج البحر العاتية…
بضمائر التفرد والعزلة،
فكانت النهاية ..
وأصبحت حكاية..
أنا العاشق للحنين..
روحي تشتهي التناغم..
والحنين والشوقِ توأمان معي،
حيث ألتقى الأثنين أمضي
ننتقي الأشخاصَ جمالاً ..
ننتقي الأحداثَ مثالاً..
نُقلِّبُ الصفحات مجداً..
نُلَخِّصُ الإيجاب درساً ..
لنحيا بالشوق والحنين ،
وتكون حينها لنا حكاية
لنبدأ من جديد..