2024
Adsense
قصص وروايات

المتمردة

إلهام السيابية

أغمضت رهف عينيها لتقنع نفسها بأنها تحلم وأن مايحدث لها ليس حقيقة وإنما هو خيال من نسج خيالها، ولكنها لم تستطع أن تتحمل صوت الصراخ الذي كان يلاحقها وهي مختبئة بين إطارات السيارات المتوقفة ، ماذا أحضرها هنا في الأصل، كيف سمحت لنفسها أن تندرج لهذه الهاوية المخيفة، هل تناست كل شيء عن الحلال والحرام، هل بالفعل هي كانت مثالا سيئا لكثير من بنات جنسها لتحمل أوزارهم معها، ألم تكن تمثل النضج والتطور، واللا مبالاة؟؟ ، هذا يتحدث وهذا ينتقد وهي تعطيهم الأذن الصماء المهم ماهي مقتنعه به، كيف تغيرت وانحطت لهذا المخطط الشيطاني، تذكرت نفسها وهي في غرفتها وبين أهلها تنتظر بقلق نتائج الامتحانات فهي الأمل الوحيد لها لتخرج من هذا البيت الكئيب، الذي لا يعرف معنى الضحك أو التطور.

أهلها بسطاء الحال أنقياء الأنفس، قدموا لها كل مايستطيعون من حب وحنان ولكنها كانت تتكبر على تلك النعم تحب السهر والرقص والغناء بينما تنصحها أمها بالكف عن هذا الهراء، ولكنها تراقصت وهي تتلقى خبر نجاحها بتفوق ليحملها إلى العاصمة للدراسة هناك وللمكوث في سكن مع الطالبات، حاول أبوها أن يقنعها بالسكن مع أخيها ولكنها رفضت بحجة أنها لا تحب زوجة أخيها ولكنها بالأصح لا تريد مراقبا يترأس عليها وبدأت مرحلة جديدة من حياتها تملؤها بالاستهتار بكل قوانين السكن، هي تحب السهر لآخر الليل ، والذهاب للتسوق في كل وقت ومشرفة السكن لاتقبل بذلك أبدا.

بدأت تصاحب حولها فتيات متمردات على قوانين الكلية. والطبيعة البشرية، فهن من محبي وضع الوشوم، ولبس الملابس الضيقة والفاضحة وغير المحتشمة ، ولأنها بدأت رحلتها في عالمها الجديد الذي طالما حلمت به و بدأت تستلذ تلك الأوهام عن الوشوم وحلقات اللؤلؤ الموضوع على الصرة أو في الشفايف، تقدمت واحدة من تلك الفتيات منها وهي تقول لها : أتحبين مشاركتنا في السكن، سمعت إنك تبحثين عن مكان آخر ؟؟
ووافقت، حاولت زميلاتها ممن حولها نصحها وثنيها ولكنها لم تستمع لهن فهي تجربة جديدة لها وتريد الخوض به ، وانتقلت معهن، تركت كل القيم والمبادئ التي تعلمتها في بيت أبيها فهي بالنسبة لها عقيمة وقديمة، هي تعيش الحاضر، اليوم بكل ما فيه من لحظات سعادة كاذبة ووهم مزيف، وبدأت تشعر بدوار يلازمها وصاحبتها تعطيها حبة مهدئة ومن تلك الحبة لممارسة المخدرات ، بدأت تتقن اللعبة وتتكيف عليه وتحبها، فدائما كانت تسأل عن ذاك الشعور الذي يعتري المتعاطي، ومع التعاطي أضافت التدخين فهي ليست أقل من غيرها تطورا مع عصر المساواة ، فأخذت تطالب والدها بالمزيد من المال، ولكنه علم بكل ماتفعله وحاول أن يحميها ولكنها رفضت الخضوع له، فهي لم تعد نفس الفتاة التي تربت في حضنه وإنما تلبسها شيطان الرغبات، كيف استطاعت أن تشتكي على أبيها في مركز الشرطة وتقول بأنه يضربها ويحرمها من حقوقها وهو الذي لم يرفع يده عليها قط، ووضعوه في السجن بتهمة الإساءة بالضرب، كانت نظراتة تكاد تقتلها وهو ينظر إليها ويقول : هذه ليست ابنتي، ابنتي ماتت،، ماتت.

أجل لقد مات كل شيء جميل فيها، تراجع مستواها في الكلية فلم تهتم لذلك وبدأت بالخروج مع الأخريات للعبة الصيد، من منهن ستربح شابا ثريا يلبي لها رغباتها وتضحك عليه وتأخذ ماله وتستغفله ثم تقوم بخطة لوضع حبوب منومة في شرابه فيخلد في سبات عميق وتربح هي نفسها من الاعتداء، لم تكن هذه أول مرة لها، فهم يخرجون لمكان عام كشاطئ البحر، ثم يعودون وهن منتعشات من الكلام المعسول ولحظات السعادة التي استطاعت أن تلمح فيها رغبة الشباب في الحصول عليها، لقد أعجبها الوضع فالشباب يختارونها لأنها أجملهن ولأنها وجه جديد، استطاعت أن تحصل على الكثير من الهدايا الثمينة، ولكن الشاب الذي خرجت معه هذه المرة لم يأخذها للبحر أو للجلوس والسهر مع الآخرين وإنما أخذها بسيارته لمكان غريب يشبة المزرعة الكبيرة بعيدة عن البيوت، وبدأ الخوف يدب أوصالها أين يأخذها فأخذت تصرخ ::أين تاخذني؟؟ لم نتفق على هذا!!؟
فأحست لأول مرة بالخوف الحقيقي، كانت تحب أن تجرب الحب، كلمات، مشاعر، أحاسيس، اما الاعتداء، صرخت : لا لا.

حاولت أن تتذكر الآيات التي تحفظها ولكنها نستها لأنها نست ذكر الله في قلبها، وصل بها لمزرعة كبيرة مخيفة وهو يقول لها : إنزلي.
فلا أحد هنا غيرنا.
حاولت أن تصرخ ولكنه ضحك بأعلى صوته : أنت في منطقة مهجورة لن يسمعك احد.
بدأت تترجاه ولكنه رفسها بقدمه وهو يقول : لا تعكري مزاجي.
وبدأ بتحضير كاسات الخمر والثلج.. و الأضواء !! في حين أخذت رهف تحاول النهوض رغم خذلان قدميها، وبدأت تختفي في ظلام تلك المزرعة.انتبهت لسيارة قادمة، ياويلي لقد أحضر أصحابه ليحصلو عليها، ماذا تفعل، ماذا فعلت بنفسها كيف وصلت لهذا الحضيض وهي التي كانت تناديها أمها نجمتي، وأباه؟!! لم تكف عينيها عن الدموع عندما تذكرت أباها.

لقد ظلمته وهو الذي أفنى حياته كلها من أجل طفلتة المدللة، هذا عقاب من الله على ما فعلته بأهلها، ستقتل نفسها إذا استدعى الأمر أن تفعل، ولن تترك هذا الرجل يدنس كرامتها، تهادى لمسمعها صوتا يناديها، هل هي تحلم؟؟ إنه صوت أخيها ، جأها الفرج، خرجت مترددة، فأسرع إليها قائلا : علينا الإسراع قبل أن يحضر أصحابه، هيا.

نظرت للشاب المضروب والدم ينزف منه، أسرعت بالصعود للمركبة.
كيف وصلت هنا؟
إن كنت نسيتي أنت مسؤولة منا، لقد اتصل بي والدي وهما يصران على مراقبتك ولو من بعيد لعل الله يعيد إليك صوابك، وعندما رأيتك تصعدين معه لمركبته مجبورة عرفت أنك في خطر، إنها دعوة والديك، أن يحفظك الله من شباب السوء.

لم تستطع أن تتكلم أو أن تنطق بأي كلمة، أوصلها للسكن ولكنها أوقفته قائلة:
– هلا أخذتني من هنا، أرجوك ، ليتني بقيت تحت ظل والدي ولم أخرج من البلد، لقد عرفت أنني إنسانة تلبسها الشيطان ليسعدها بتحقيق كل الرغبات الكامنة في نفسها المريضة من حب المال والكماليات، وحب الذات والغرور بجمالي وحب الشباب وجعلهم خاتم في يدي للحصول على ما أريد من الهدايا ولنيل رضاي ولكني تناسيت أن لكل حاجة رغبة وما أرادوه مني لم أستطع أن أعطيه لهم، فالحمد لله أن هداني ولم يتركني لنفسي الأمارة بالسوء ولكن؟؟
_ولكن ماذا؟؟
– أبي؟؟
هل سيسامحني؟؟ على كل مافعلته به ومافعلته بنفسي؟؟
– لولا دعاء والديك لك لما حفظك الله من هؤلاء الشباب..
– خذني ارتمي تحت قدمي أبي وحضن أمي وإن قتلاني فلن أبالي المهم أن أكون تائبة صادقة مع الله في رجوعي إليه وأن يتقبلني ويغفر لي خطيئتي وما أذنبته على نفسي ولاكون عبرة لغيري.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights