كورونا المشاريع الصغيرة و المتوسطة
سيف نبهان حمود العبري
إن المشاريع الصغيرة و المتوسطة في ظروف كورونا وما تعانيه من الآثار المترتبة من حظر بعض الأنشطة لمدة تقارب الثلاثة أشهر و الأضرار الناجمة من هذه الجائحة عليها ، قد تستمر لأشهر طويلة لما بعد كورونا ، فربما نجد بعض من هذه المشاريع قد أعلنت إفلاسها من الآن و البعض الآخر في قائمة الاحتضار التدريجي و البقية الباقية تقاوم من أجل البقاء لتبدو قوية جداً في أعين زبائنها و إن كانوا زبائن مؤقتين .
البقاء أو الهلاك ربما هي سيان في الظروف الحالية ، و خصوصاً لأصحاب المشاريع الذين هم ليس لهم مصدر دخل ثابت غير التجارة ،والظروف الاقتصادية التي مر بها العالم في السنوات الأخيرة ، كانت مؤثرة بدرجة كبيرة لمعظم الأنشطة في الحركة الشرائية لدى التاجر و كما حدث أيضاً بمعظم الدول ، و أسبابها كثيرة و لا تحصى و من ضمنها قلة الوظائف و الضرائب المصاحبة من رفع الدعم عن المحروقات و الضرائب المحصلة من الرسومات للعقود و التراخيص و التصاريح و ارتفاع الإيجارات و أيضاً ارتفاع الأسعار في بعض السلع .
فهذه كلها ظروف مرتبطة ببعضها لدخل الفرد و تأثر مدخوراته الشهرية ليجد نفسه غير قادر على امتصاص الإلتزامات المالية التي لا تنتهي و مضاف إليها القروض المالية البنكية لدى الأغلبية .
و في ظل جائحة كورونا زادت من وجع الضربة الأولى الدمائل أكثر بسيلانها ، ليكون صاحب المشروع الصغير و المتوسط ذبيح هذا الظرف الاقتصادي المميت للتاجر الذي لا زال لم يتعافى من آثار السنوات الاقتصادية العجاف الأخيرة .
و بصفتي أحد أصحاب التجارة بالمشاريع الصغيرة و المتوسطة و المسجلة لدى ريادة ، إلا إنني لا أجد الدعم الكافي منها لتأخذ بأيدينا لتأمن لنا استقرار بمبدأ لا خوف و لا ضرار و نكون بمأمن قبل أن ننهار كلياً ، وبالذات أصحاب التجارة الذين لا يملكون دخلاً آخر غير تجارتهم ، أما آن الآوان أن تجد هذه المؤسسة بصمتها و ضالتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟؟.
ألم تستمع عبر قنوات السويشل ميديا نداء و صراخ البعض الذين يعبرون عن معاناتهم و خسارتهم و ربما إفلاسهم ؟! ، و الكثير منهم معرض ليكون تحت طائلة القضاء بالمطالبات المالية من الدائنين من البنوك أو الشركات التي تبتزهم بالشيكات لعدم قدرتهم على السداد ، و من الممكن أن يتعرض البعض و بنسبة كبيرة للمحاكمة و السجن و وضع اسمه في قائمة (black list) لدى البنك المركزي .
يقول بيتر داركر : (أينما وجدت تجارة ناجحة فحتماً هناك من اتخذ قرارا شجاعاً ).
و نحن الآن نحتاج قراراً شجاعاً يتغاضى عن بعض التعقيدات و الإجراءات لكي تكون لدينا تجارة ناجحة ، و خصوصاً أن عُمان مقبلة لاحتضان استثمارات عملاقة لتضع بصمتها في مصاف دول العالم الاقتصادية و تكون قبلة للسياحة و التجارة و تواكب ( رؤية عُمان 2040) ، ووضع آلية بإستراتيجية جديدة تجعل من التجارة الصغيرة و المتوسطة ركيزة لرفد الاقتصاد العماني و تدوير رأس المال في البلاد .
هناك دروس كثيرة و عبر تعلمناها من جائحة كورونا ، و أثبت المواطن العماني القدرة على تخطي الأزمات بسواعد أبنائه سواء أكان بدعم من الحكومة الرشيدة أو عن طريق فطرة العماني الذي هو دائماً مبادراً و غيوراً و كريماً مع وطنه ، و هي نابعة من أصالة العماني التاريخية و التي صقلت مهارتها أكثر و أكثر عن طريق المدرسة القابوسية رحمه الله الذي كان يضع العماني نصب عينيه ليكون ركيزة لبناء الوطن و أثمرت دروسه لتكون عُمان راسخة و شامخه بتكاتف العماني تحت قيادته الرشيدة .
رحم الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – فالتاريخ لن ينساه مهما طال الأمد، و سائلين المولى عز وجل أن يوفق جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لمزيد من العطاء تجاه هذا الوطن الغالي ، وأن يسدد خطاه نحو تقدم وازدهار عمان بعون الله تعالى.