2024
Adsense
مقالات صحفية

الهوية الوطنية بين ثوابت الأصالة وتداعيات العصر وبين البقاء والتلاشي

خلفان بن ناصر بن سعيد الرواحي

إن لكل أمة هويتها واعتزاها بأصالتها ومبادئها الثابتة التي تجاهد للمحافظة عليها بمختلف السبل لتبقى خير شاهد على عمق جذور تلك الثوابت التي تستند عليها للتعايش مع متغيرات التاريخ وتداعيات العصر لمختلف مراحل تطور الحياة البشرية ، إلا أنها أصبحت تتصارع بين المحافظة عليها للبقاء وبين التلاشي التدريجي المبطن ببعض أساليب تداعيات العصر والتشدق بالتطوير وإضافة بعض الجوانب التي تتعلق بثقافات العولمة العصرية التي تُعد الخطر الأكبر لاندثار بعض من مباديء وثوابت الهوية الوطنية .
أذا أخذنا الخوض في مجريات هويتنا الوطنية العمانية فإننا بلا شك علينا أن نعي بأن كل أمة لها ثوابت ومتغيرات، ثوابت تشمل اللغة والدين والثقافة الوطنية والعادات والتقاليد الأصيلة، أما المتغيرات فهي تشمل وسائل الحياة وأدوات العيش والاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية.
إن هذا التمييز من الضرورة بمكان أن يؤخذ في الاعتبار لبقاء هويتنا وموروثنا الثقافي والديني والسلوكي والموروث الشعبي والسياسي والتاريخي والاقتصادي الذي تميزنا به عن باقي الأمم والحضارات ، وعلينا جميعاً أن نتناقل أحداث تلك الأصالة لربطها بالحياة العصرية دون المساس بالثوابت .
إن ما يؤسف له من واقع فقد نسيه البعض في المراحل السابقة من تطور مجتمعنا ، حتى صارت الثوابت عرضة للخطر تحت دعوات الانخراط في العصر والتفاعل مع العولمة، فأظهرت لنا الشواهد بأن البعض من تلك الثوابت بدأت بالتلاشي وربما تكون في يومٍ من الأيام مجرد ذكريات مسطرة أو تتناقل بالحديث بين المخضرمين فقط ، أو مجرد حكايات من الزمن الغابر ، ومما يؤسف له أيضاً أن من يتمسك ببعض من تلك الثوابت يكون عرضةً للسخرية ممن ليس لهم غيرة المحافظة على تلك الثوابت الوطنية المرتكزة على مباديء الدين والثقافة والبسالة والتضحية ممزوجةً بثوابت الموروث السياسي والاقتصادي والتكافل الاجتماعي .
فعلى سبيل المثال ؛ أين نحن من ثوابت الهوية الوطنية في التمسك بمبادىء الشورى في المجالس العامة والتكافل الاجتماعي والترابط الأسري والموروث الشعبي في المناسبات الوطنية واللباس التقليدي للرجال والنساء والأطفال ، فقد أصبحت تلك الثوابت تفتقد الوجود في بعض المناطق والمحافظات وربما بدأت بالتلاشي إلا من قلة.
إننا لسنا نتحدث عن بعض العادات والموروثات التي تميل إلى الجانب الذي لا يتطابق مع ثوابت الدين ، وإنما نتحدث عن الهوية الوطنية التي يجب أن نتمسك بها والمحافظة عليها لنكون ذَا خصوصية ثابته لا تتغير بمتغيرات العصر ولا تداعيات العولمة السلبية ، بل علينا أن نتعامل مع العولمة وتداعياتها على أنها شر لا بد منه دون الإخلال بالثوابت بالهوية الوطنية .
عليه يجب أن يكون الحفاظ على الهوية الوطنية على كل المستويات؛ إبتداءً من اللغة والدين، وحتى السياسة والاقتصاد، وتدعيم الوعي الثقافي حتى لا نقع في المحظور و في حالة من الهزيمة النفسية أمام تبعات ومتغيرات العصر والعولمة المتوحشة وعلينا أن ندرك أن ظاهرة العولمة بمعناها اللاإنساني المغرض والمقصود تجاه مجتمعاتنا ليست عملية إيجابية في كل جوانبها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights