لماذا الخرف؟
بقلم / علي بن مبارك اليعربي
الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة بولاية سمائل
الخرف كلمة تتردد كثيرا على ألسنة الكبار والصغار في المجالس والتجمعات العامة وخاصة عندما يشتد النقاش بين المتحاورين وبالذات إذا كان أحد طرفي النقاش كبيراً في السن. يتسلح بها الأصغر ليسقط حجته عليها،وفي بعض الأحيان يسقطها الإنسان على نفسه ليبرر بها الإخفاق والنسيان ليقلل بها ضغط الإحراج مما وقع فيه من زلة اللسان أو النسيان. والسؤال الحتمي الذي يفرض نفسه: ما هو الخرف؟ فالمعنى اللغوي لكلمة الخرف في الثمار هو جني ثمار النخلة أو البستان، أما عندما نطلقها على الإنسان فتقال لمن فسد عقله من الكبر أما المصطلح العلمي للخرف فهو مجموعة من الأعراض الصحية مثل فقدان الذاكرة وفقدان العقلانية وضعف القدرة على التفكير. والبعض يعتقد بأن الخرف هو الزهايمر بينما هو مجموعة أعراض حسب التفسير العلمي للخرف.
أما طبيا فوصف بأنه مرض يصيب الدماغ بسبب التقدم في السن أو ضمور بعض الخلايا أو تلفها بسبب الحوادث أو الرضوض أو نقص التروية الدماغية أو التعرض لبعض السموم والفيروسات المتلفة للخلايا. أما الزهايمر فهو ضمن أقوى أسبابها،وبالرغم من أن سبب الخرف عضوي حيث يعد تلفا في بعض أجزاء الدماغ بسبب نمط الحياة وطبيعة معيشة الفرد خلال مسيرة حياته إلا أن هناك محفزات وعوامل نفسية داخلية وخارجية تؤدى إلى الخرف وتسرع حدوثه،وبالمعنى الاجتماعي مجازا يطلق على الإنسان الذي يهذر في الكلام هذرا ويرمز لنفسه أحيانا بأنه صاحب بطولات وأفعال ليست منه أو قد يربط بين أمور لا رابط بينها أو كمن يزور الوقائع بشكل غير مقصود فنقول عنه بأنه خرف. وهذا مجاز اجتماعي ونوع من الوصمة السلبية كما أنه مرض اجتماعي مجازا وقانا الله منه،فهو يوصل صاحبه أحيانا إلى الشعور بالنقص وضعف الاحترام الاجتماعي والتقليل من قيمة الشخص وغيرها كثير. وما يزيد الأمر تعقيدا تلك المعتقدات الكامنة لدى البعض منا بأنه كلما تقدمنا في السن ضعفت قدرتنا على الحفظ و استخدام مهارات التفكير العليا، وما نتلقاه من تأكيدات خارجية تثبت تلك المعتقدات وتفرض علينا تحديد سن معين للخرف فمن اقترب من سن الستين سنه تكرر معه سماع عبارة (خلاص أنت قربت من الستين بدأت تصاب بالخرف ) فالبعض يتقبلها ويدرجها تحت مسمى المزاح والبعض الآخر ينزعج منها و يتأثر آنيا منها ولكن سرعان ما ينطفئ أثرها،أما المتضرر الأكبر من تلك العبارة فهو من يحمل في نفسه معتقدها، فسوف ينتابه شعور بقرب الخرف وسيصل إليه بلا شك من خلال ذلك المعقد. كما إن البعض منا يظن بأن كل من يتعدى الخامسة والستين
لابد من أن يصاب بالخرف أي قلة الإدراك والتدبر وضعف التمييز وهذا بكل تأكيد غير صحيح. فما دام الأمر كذلك علينا أن نسأل كيف يمكن للإنسان أن يقي نفسه من الخرف؟
نعم عزيزي، الإنسان قادر بقدرة الله سبحانه وتعالى على تجنب الإصابة بالخرف وذلك من خلال تنشيط الذاكرة، حيث ثبت علميا في كثير من الدراسات والأبحاث بأن في المخ منطقة صغيرة مسؤولة عن الذاكرة تسمى (الهيبوكمبس أو فرس البحر) لا تموت ولا تضعف خلاياها مدى الحياة إذا استمر الإنسان بتنشيطها و تغذيتها و تزويدها بما تحتاجه، ولا تعني تغذيتها هنا إطعامها وريها بالأكل والشرب بل عن طريق الأنشطة الذهنية مثل المطالعة و القراءة والحفظ والقرآن خير كتاب يساعدك على الحفظ وحل الألغاز و الكلمات المتقاطعة ومحاولة تعلم اللغات وتنمية المدارك العقلية بالتأمل والتركيز والتفكير الناقد بالإضافة إلى التغذية الجيدة والابتعاد عن مسببات الأمراض العضويه والتي تساهم في إتلاف خلايا الدماغ.
مع التركيز الجيد عند التعامل مع الآخرين حيث يجب عليك التعامل معهم بفكرهم لا بفكرك لإيجاد التوازن و التوافق النفسي والاجتماعي وذلك بتزويد نفسك بمستجدات حاضرهم والاطلاع على ما هو جديد لديهم والعيش بعصرهم لا بعصرك.