2024
Adsense
مقالات صحفية

كورونا…. وإدارة الأزمة


هلال بن حميد بن سيف المقبالي

يقال أن الأزمات تكشف مستوى الوعي الثقافي في المجتمعات وقدرة الحكومة في التعامل مع الأزمة ، و كيفية اتخاذ القرار الصائب و المناسب لكل أزمة، و تحليل مستجداتها للحد من آثارها، وتبعياتها.

في عُمان لا نحتاج لأزمة لتكشف مستوانا فعُمان مدرسة، و بيت خبرة في هذا الجانب ، اعتادت منذ القدم على إدارة الأزمات والتاريخ العماني مليء بالأحداث و الأزمات التي مرت على السلطنة ، مما اكسبها خبرة تكفي لاستخلاص طرق لإدارة أزمات مختلفة.

تُعرف الأزمة بأنها الأحداث التي تحدث في المجتمع وتؤثر على الوضع العام للوطن والمواطن و يكون حدوثها غير متوقع.
وما جائحة كورونا( كوفيد 19) ، التي تجتاح العالم بأكمله، والسلطنة جزء من هذا العالم، إلا أنها أزمة حالها حال الأزمات التي مرت على السلطنة سابقاً ، فقد طاف الفيروس بنا، حالنا حال دول العالم ، وتحصلنا على العدوى بطريقة أو بأخرى، ليحل هذا الوباء ضيفاً غير مرغوباً فيه بيننا ، فكان الاستنفار الشامل للحكومة والشعب ، لوضع آلية للحد من انتشار الفيروس، وحتمية اتخاد قرار عاجل وسريع لتصدي لهذه الجائحة أصبح لابد منه ، فجاءت توجيهات عاهل البلاد المفدى السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه ، بتشكيل لجنة عليا و تكليفها لإدارة هذه الأزمة وبحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19).

تنفيذاً للتوجيهات السامية تشكلت اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، لإدارة أزمة كوفيد 19. جاء تشكيل اللجنة العليا ، فكان تحديد مراحل الأزمة العنصر الاساسي لفهم مسارها وتحديد أبعادها، ومتابعة مستجداتها عالمياً، مع الأخذ بإمكانيات الحكومة وقدراتها للتصدي لهذه الأزمة، فكان هذا عنصراً مهماً تبني عليه منهجاً لحل هذه الأزمة ، لذلك كان من أولويات قرارات اللجنه العليا بعد تشكيلها، التوجه الى المجتمع و صناعة الوعي بين أفراده ، و لجم جماح المخاوف لدى المواطن والمقيم ومنع ظهور المعلومات الخاطئة، ونبذ الشائعات، فكان هذا هو الجزء الأهم والمهم لقرارات اللجنه العليا والتحدي الأكبر في إدارة الأزمة ، حيث أن الوعي المجتمعي أنجح الوسائل لتحصين المجتمع ضد الجهل بمخاطر فيروس كورونا – أو أي أزمة كانت – بعيدا عن التهويل ، والانصياع وراء المغالطات والشائعات ، و كان للإعلام بجميع فئاته المرئي/،و المسموعة والمقروءة ، الدور الأكبر في ذلك من خلال بث البرامج التوعوية ، و الارشادات المتبعة للوقاية من المرض، والتحذير بنوعية الفيروس، وطرق العدوى، و كيفية تجنبه ، فكانت الرسائل هادفة ، واضحة ، مفصلة خرجت مباشرة ً من قبل المختصين بإدارة الأزمة ، و من مواقع عمل اللجان والكوادر الطبية ، و من أورقة المستشفيات و أماكن العزل، بكل شفافية و مصداقية ، و قد ساهم البث المباشر لاجتماعات و قرارات اللجنة ومعدلات الإصابة ونقله بصورة واقعية للجميع في احتواء الوضع ، و ساعد على اكتمال المشهد العام للأزمة و التصدي للشائعات المدمرة ،والأخبار المتناقلة المهولة للأمر . وكما كان للإعلام دورا في إدارة الأزمة، كان أيضاً صمام الأمان من خلال متابعة شبكات التواصل و بث المعلومات أول بأول، ونفي الشائعات، متشاركاً بذلك مع الجهات الأمنية والتي جاء دورها مراقبة ومتابعة مصدر الشائعة، ومحاسبة مروجيها ، فالإشاعات إذا لم تجد الرادع تصبح مدمرة، وكذلك ساهمت الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن، وضبط المخالفين للقرارات اللجنة العليا ، و التحكم والسيطرة على النقاط الأمنية ، فكان التخطيط السليم لمنظومة أدارة أزمة(كوفيد 19)، ونجاح المنظومة مبنياً على منهج علمي وعملي يعتمد على الخبرة والذكاء والمعرفة، الذي اكتسبته الحكومة من الأزمات السابقة، مما أدى ذلك إلى معالجة الأزمة بكفاءة عالية والحد من انتشار الفيروس، فأجادة اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، إدارة الأزمة بكل ثقة واقتدار، نفخر بها، رغم كل الظروف والصعوبات التي واجهتها، ولكن تبقى سياسة إدارة الأزمة من خلال القرارات والتعليمات هي الأقوى من كل الصعاب والضغوطات ، فجادت اللجنة بالقرارات الصائبة، والتي اتسمت بالتدرج في ضبط الأزمة ، فكانت القرارات تلاقي قبولا لدى المواطن والمقيم، وينتظرون بكل شغف صدور التعليمات الاحترازية، والقرارات الجديدة التي تلائم الوضع في جوهرها ومضمونها ، و لا تزال اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19) تقوم بدورها اللامتناهي و مستمرة في إدارة هذه الأزمة ، و بعون الله سوف تجد لنا طريق الخلاص من هذا الكابوس، والعبور بالوطن والمواطن، وبأقل الخسائر التي قد تنتج عن استمرارية جائحة كوفيد 19 ، و كما عبرنا وتجاورنا الأزمات السابقة، سنعبر بإذن الله تعالى هذه الأزمة بوعي المواطن والمقيم، وبحكمة قيادتنا الرشيدة، وبفكر و قدرات المخلصين في الحكومة.

إن الأزمات التي مرت علينا وتعايشنا معها، وتابعنا مجرياتها، وشاركنا في بعضها كمتطوعين، أثرت على المجتمع، وانبتت فيه قوة التحدي والتصدي لأي أزمة قد تحدث مستقبلاً ، فكل الأزمات التي مرت علينا كانت أزمات مكانية، ووقتية، حدثت في جزء معين من أجزاء السلطنة ، و في قت قصير، لم تتوقف فيها الأعمال ، والأنشطة التجارية والاقتصادية ، والمصالح المجتمعية، فكانت الحياة مستمرة، والاقتصاد الوطني ، لم يتأثر إلا في أيام الأزمة ، تجاوزنا هذه الأزمات بكل سلاسة ويسر ، بفضل من الله تعالى، و بإدارة وقرارات ، وتوجيهات اللجان التي أقرتها الحكومة في حينه لإدارة الأزمة، وقد انتهت معظم الأزمات خلال فترات قصيره ، مخلفة بعضاً من الخسائر المادية، على الوطن والمواطن، والحالات النفسية التي حدث لبعض الأفراد جراء الصدمة من هول الحدث، و ما خلفته من دمار، لكن تلاشى كل ذلك واصبح ذكرى للتاريخ.

جائحة كرونا (كَوفيد 19) ليست كالأزمات التي مرت علينا فهي تختلف اختلافاً كلياً، فهي ليست أزمة مكانية، أو وقتية، بل انتشرت في كل أجزاء السلطنة ، مع اختلاف عدد المصابين، وليس لها وقت محدد لانتهائها. فأزمة (كوفيد 19) الأصعب من كل الأزمات التي مرت علينا وأكثرها شمولية، حيث ضربت هذه الازمة الاقتصاد الوطني، و توقفت بعض الأعمال و الأنشطة التجارية والاقتصادية، وحركات الطيران، و َغيرها الكثير، و الأدهى من ذلك أنك لا تسطيع معرفة المريض الحامل للفيروس للتتجنبه ، والابتعاد عن مخالتطه، وتبقى تعليمات اللجنة العليا، و الطرق الاحترازية هي الوقاية الحقيقية،و الحصن المناعي بعد لطف الله علينا.

لقد تأقلمنا على هذا الوضع مع جائحة كرونا (كوفيد 19) العالمية، و التي تعايشنا معها مدة تزيد عن الشهرين حتى الآن ، و تعاملنا و مع توجبهات و تعليمات اللجنة العليا المكلفة بإدارة الأزمة، و بحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد -19)، فدورها التوعوي قد انتهى، وجاء الدور علينا لنستلم المسؤولية المجتمعية لنكون الجزء الأهم لإدارة الأزمة، فمسؤوليتنا من الحد من انتشار فيروس كوفيد 19، هو الأصعب في إدارة الأزمة، ولكن يداً بيد مواطن ومقيم، للتصدي ضد هذا الفيروس،

إن منهج إدارة الأزمات في عُمان درس ومنهج أساسي في مسيرة التلاحم المجتمعي بين الحكومة و الشعب، وهذا ما يميزنا عن غيرنا في إدارة كل الأزمات ، فشكرا لكل من ساهم و ساند اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19) في إدارة هذه الأزمة معنوياً و مادياً ، و شكراً لكل مواطن ومقيم التزم بتعليمات و قرارات اللجنة العليا.

حفظ الله عُمان أرضاً وشعباً وقائداً من الكوارث والأزمات، و من كل سوء، ومكروه، وأن يرفع البلاء عنا ويدفع عنا الوباء.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights