“شهر الرحمة”
بقلم : بدرية السيابية
أقبل علينا شهر رمضان المبارك ، وهل هلال الغفران كان ينتظره الصغير قبل الكبير، الجميع يتجهز له بكل فرح وكل استعداد لاستقبال الضيف بأحلى حلة بقناديل مضيئة معلقة على أسقف المنازل من خارجها وداخلها هو ضيف من ضيوف الرحمن له مدة قصيرة ينثر عبيره على نفوس الأوفياء على محبين العطاء، يستغله المؤمن بكثرة العبادات ومختلف الطاعات من حيث صلة الأرحام وقراءة القرآن وقيام الليل معتصماً خاشعاً لله وحده غافر الذنب والخطايا وقابل التوب ، ورمضان فرصة للتوبة والغفران .. وهاهو الشهر الفضيل قد انقضى نصفه وتبقى منه النصف فقط .
في الحقيقة هناك موضوع يشد الانتباه والجميع يتعايش معه وهو ماذا سأشتري في شهر رمضان؟! وكم من المبلغ أخصص لشهر رمضان؟! وأسئلة كثيرة تتحاور في مخيِّلة كل شخص فينا. أصبح شهر رمضان وهذا مع الأغلبية بأنه شهراً للأكل والشرب والنوم والطبخ وتبادل الأطباق والزيارات وتخطيط جدول لدى البعض للسهر واللعب ومشاهدة المسلسلات المتنوعة ، تاركاً البرامج الهادقة كالبرامج الثقافية والدينية ويصب البعض اهتمامه ماذا سنأكل غدا وماذا سنطبخ من أطباق لذيذة شهية مع مكونات صرفت عليها أموالاً وهكذا التفكير طوال شهر رمضان .
أصبح تفكيرنا هو هم بطوننا تاركين جانب مهماً ومن المفترض نتقيَّد فيه حتى في سرنا ونقول ماذا سأقدم لله في هذا الشهر الكريم؟! كيف سأقترب من خالقي أكثر وأكثر؟! كم من الأجزاء من مصحفي سأنهيها؟ كم مسكيناً سأطعمه؟ ماذا أفعل للآخرة .. نعم نستغل أوقاتنا في العبادة ليس في هذا الشهر وإنما كل الشهور يجب أن ندرك بأن الله يراقبنا بكل الأحوال مسجلاً كل الأعمال الصالحة وغير الصالحة لنكثر من الدعاء حتى نكسب الأجر والثواب ولا نلتهي بضياع الوقت باللعب ومشاهدة التلفاز.
كل شي باعتدال ولا نسرف كثيراً في المأكل والمشرب فالله عز وجل قال في محكم كتابه : ” وكلوا واشربوا ولاتسرفوا إنه لا يحب المسرفين” ننفق باعتدال نعطي المحتاج نوصل للجار نتفقد أحوالهم فقد تغيَّر الحال بما يعاني منه العالم من جائحة كورونا، أصبحنا ملتزمين في دارنا ولكن ما يمنع السؤال عن جارك وخاصة من هم محتاجين للمساعدة لتقديم العون بذالك ، أنت تقوم بعملك الخيري ستنال أجرك من الله ، أصبح الآن كل شيء ميَّسر ومسَّهل بوجود جهات وفرق خيرية في البلد جزاهم الله خير الجزاء قائمون بكل ما يتوجب عليهم .
شهر الرحمة والغفران شهراً مميزا لدينا فيه الفرح كنا صغار نتسابق في إعداد سفرة بسيطة مكونة من التمر واللبن وبعض الأطعمة المفيدة ولله الحمد كنا قنوعين حامدين المولى عز وجل ، أما الآن كثرت الأصناف وكثرت الأطباق وضياع الوقت في إعداد ما لذ وطاب وكثرت الأمراض وضياع الوقت في شيء غير مفيد ،،، لنجعل شهر رمضان درساً جميلاً نتعلم منه الصبر والتحمل ونتعلم منه الجهاد ونتعلم منه الرحمة والقلوب الطيبة تقدم كل ما هو خيراً لنا وللاخرين ولا نجعل همنا ملاذ الدنيا ، فالدنيا زائلة لا محالة وأنَّ الله هو الباقي فأحسن عملك الصالح فيما تبقى من شهر رمضان المبارك .. وليكتب الله لنا ولكم الجنة
وكل عام والجميع بخير .