تأبين بعنوان:ألمني فقدك(عبدالحكيم)
بقلم : حمود بن جمعه السلماني
عندما تتكسر الأمواج أمام الصخور الممتدة على شاطيء فنس ، حاملة ذرات الرمال المتوهج بشظايا المياه وكأنه الدمع منسكبا حُزنا على فراق الراحلين في الهزع الأخير من ليالي شهر رمضان المبارك ، لا أحدٌ يصغي لهدير الأمواج في تلكم اللحظات إذ النفوس تحاول أن تغفو على الآرائك الوثيرة بعد نهار شاق أرهق الصائمين لهيب حرارته وما كانوا ليتوقعوا أن تلكم الأصوات التي تتردد على الأسماع هي نحيب المودعين إذ تتراءى لهم الصخور وارتطام الأمواج بها ، ولكن الليل مليء بالأحداث فظلامه يروي حكاياه ويفجع بأخباره القلوب الساكنة معلناً رحيل الشاب ذو الخلق الرفيع والذي قبيل لحظات وصول الخبر كانت الأيادي ترتفع مبتهلة بالدعاء له شفاءً وعافية لجسده النقي ولكن هيهات لحياة طبعت على الفرح والحزن والسعادة والشقاء والصحة والسقم والأمل والألم أن تستمر على حال فهكذا هي دورتها في هذه الليلة التي أسدل فيها الستار على قصة حياة مليئة بالمواقف الجميلة والشواهد السارة يدير إشراقاتها الراحل عبدالحكيم .
كريم هذا الشاب يعطي ولا يأخذ ، يبذل ولا ينتظر الجزاء ، متحمس لكل عونٍ يصنعه للآخرين ، فعلمنا بربك كيف نكون أوفياء مثلك ؟!!
شخصية مثالية في العطاء والوفاء والبذل ،
تعترف بمواقفك الجميلة القلوب المستنيرة بسيرتك والأرواح المتعلقة بحبك والأنفس الساكنة بقربك .
لا زلت تسكن عيني وأراك وكأنك أمامي طلعتك البهية ومبسمك الصادق ، ملامحك ، صوتك ، قوتك في تحمل المرض ، صبرك على مضض ، أنسك في الحديث ، تتزاحم هذه النفس في مخيَّلاتنا ، ولن ينقطع الحنين لها في أيامٍ قلائل بل ستظل في ذاكرتنا لسنوات ، ليس الألم في الفراق لأنَّ ذلك حكم الله النافذ ولكن الألم في الذكريات التي لا تفارقنا بسهولة ، فما زالت رائحة الموت تخنقنا وباتت تملأ ساحل فنس حزنا على رحيلك .
ما زال يسكننا الوجع وتتصدّع قلوبنا ألماً ، وتهبُ علينا عواصف الحزن كلما مر طيفك على ذاكرتنا فيؤلمنا رحيلك المبكر ، فيا من ملكت القلوب ها أنت تختفي من دائرة الحياة المليئة بالضجيج والصخب في سفرك المؤبد مغلقاً باب العودة أمام منتظريك في مرابعك الأولى من مجايليك وأصدقاء الحياة .
لقد ملأت قلوبنا بالحُزن بعد رحيلك وأيقنا من بعد أن لم يعُد بيننا إلا وصال الدعاء فاللهم أنزل رحمتك وعفوك ومغفرتك عليه واجعل قبره مفائض صلواتك وطريق إحسانك ومجال عفوك وغفرانك واجعله اللهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا ، واجعل مرضه كفارة له يوم الدين يا الله يا ذا الجلال والإكرام .