2024
Adsense
مقالات صحفية

معاقٌ سليم .. سليمٌ معاق

علي بن مبارك اليعربي

الاخصائي الاجتماعي بمدرسة مازن بن غضوبة بولاية سمائل

إن الله عز وجل ميزنا نحن البشر بالعقل وكرمنا به وبين منزلته في القرآن الكريم وأهميته في قوله تعالى :- ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [8] فالعقل ميزة الإنسان؛ لأنه منشأ الفكر و مصدر الإدراك والتدبر، وهو أداة تجعلنا نمتلك طاقات إدراكية أودعها الله فينا تقوم بتوجيهنا نحو الجد والاجتهاد والتجديد إلى يوم تقوم الساعة. ومع ذلك يعطل البعض منا ذلك العقل، فماذا نطلق على من فعل ذلك؟ أي من عطل عقله إلا كلمة معاق لأن مفهوم المعاق بشكل عام هو ذلك الفرد الذي لا يستطيع القيام بعمل ما إلا بمساعدة الغير حتى تسهل ظروف حياته لتأدية وظائفه بشكل مستقل. معنى هذا أن الإعاقة لا تعني فقط جسدا معاقا، و لكن الإعاقة لها معنى آخر أعمق وأخطر ألا وهو عجز الشخص منا عن القيام بواجباته ومواصلة حياته بشكل اعتيادي، فهناك أفراد في المجتمع فاشلون في إدارة مستقبلهم وحياتهم رغم أنهم ليسوا معاقين جسديا ولكنهم أصبحوا (معاقين) بسبب إعاقة العقل عن التفكير، وبسبب التقليل من احترامهم لذواتهم بتعطيل قدراتهم الذاتية والبحث عن المساندة الدائمة من الغير (الاتكالية) مع أننا لا ننكر حاجة بعضنا لبعض من حيث التكاملية لا الاعتمادية فنحن جميعا من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمفهوم التكاملي. ولو تأملنا فيمن أخذ الله منهم بعض النعم و عوضهم بميزات و قدرات تفوق في كثير من الأحيان قدرات البعض منا، ولن يتأتى لهم إظهار تلك القدرات والإمكانات والتواصل والاتصال والتكيف مع محيطهم الخارجيةبالشكل الصحيح إلا إذا رضوا بما قدر الله لهم وعرفوا كيف يستثمرون طاقاتهم وقدراتهم المختلفة لذلك.
ومع إيماننا بأن من أفقده الله شيئا من وظائفه الجسدية عوضه بما يسدد به ذلك العجز فإننا نقول لمن منّ الله عليهم بنعمة الصحة الجسدية والعقلية وزينه بها أن يشكره عليها سبحانه وتعالى، والشكر هنا يكون من جنس النعم، وذلك بأن نوظف تلك النعم كل حسب ما خلق لأجله فيما يرضي ربنا ولا نعطل نعمة الله علينا.
فتفعيلها فيما يحب ويرضى هو غايته تجلت قدرته وحكمته. لذلك أقول بأن الإعاقة لا تمنع الإنسان المعاق من ممارسة حياته الطبيعية بشكل يرتضيه هو والمحيطون به.
لهذا قلت: (معاق سليم.. سليم معاق) أقصد بذلك أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة الفكر لا الجسد؛ لأن الله عز وجل ميزنا نحن البشر بالعقل وكرمنا به وبين منزلته في القرآن الكريم وأهميته، فهو وسيلة الإدراك والتدبر، وهو أداة تجعلنا نمتلك طاقات إدراكية أودعها الله فينا تقوم بتوجيهنا نحو الجد و الاجتهاد والتجديد في الحياة، وما ذلك إلا باستعمال نعمة العقل الاستعمال الصحيح الذي أراده خالقنا منه لنكون أناسا أسوياء قادرين علة أداء مهامنا في الحياة بالطريقة الصحيحة، وإلا أصبحنا (معاقين) حقيقة بتعطيل هذا العقل. فعلينا جميعا التأمل في قول ربنا تعالى في محكم التنزيل: ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾[الحج: 46] هذا لمن شاء أن يعتبر

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights