2024
Adsense
مقالات صحفية

عالمي (عالمكم) الذي أسكنه 2-2

فؤاد آلبوسعيدي

عالمي بل عالمنا هذا الذي نبحر فيه بل وأحياناً نغوص إلى أعماقه ونحن نبحث عن الكمال في علاقاتنا الكثيرة مع أُناس آخرين أجده بعد خبرة ربع قرنٍ بأنّه لا يزال كما هو عند بعض أولئك البشر الذين يعجبهم ويحبّون بأن يوصفوا بأوصاف كالشّجاع والفارس والمقدام والكريم بل وهنالك من يحبّ أن يكنى وينادى بالشيخ والرئيس والمدير وغيرها من الأوصاف التي في الواقع قد لا تمتّ إليه بأيّة صلةٍ قريبة أو بعيدة، في عالمي هنالك من أصبح لا يحب أن تقال على رقبته كلمة حقّ في شأنٍ من شؤونه، والكثير منّا قد بات لا يجزع عندما يقال لهم.. (حسبي الله ونعم الوكيل)، الكثير قد أضحى بلا خشية منها ولا عند سماعها، البعض قد أصبحت تلك الجملة لا تخوّفه ولا تثنيه عن إحداث وإعمال الشّر والظلم على غيره من الناس، نعم البعض قد أصبح هكذا لا يخيفه أبداً العقاب الربّاني الذي إن كان يخشاه ما كان سيتمادى أبداً في الإعتداء قولاً وفعلاً على حقوق النّاس وأموالهم الخاصة والعامة، هنالك من يعيش وهم أبداً لا يخشون من دعوة المظلوم على الظالم وكأنهم سعداء سرّاً وجهراً مخدوعون ومتوافقون ومؤمنون بالمبدأ الذي يقول…(لأستمع بما أفعل في دنياي فالعقاب سيأتي عندما أغادر هذه الدّنيا)، للأسف الكثير من البشر أصبحوا مسيّرون في عقولهم وقلوبهم التي يملؤها الشّر والفساد بقانون وحيد ألا وهو (سأفعل ما أشاء الآن وسأتوب عن أفعالي عندما يتقادم بي العمر)، نعم للأسف ففي عالمنا الغريب هذا لم يعد من النّادر أن لا نجد ونرى ونتعامل مع أؤلئك المخدوعون بالمادة والملذّات التي أغلقت عنهم أبواب الحكمة والصّلاح فباتوا مأسورين بجهلهم متّخذين سبيلاً ومبدأً قد لا يفهمه سوى الأنانيّ الخائن بالأمانة فأضحوا بلا كرامة وشرفٍ في أعين الكثير منّا، نعم البعض منّا بتنا نراه يحب المديح لنفسه وإن كان كاذباً ويحبّ أن تكون الأمانة هي الصّفة التي يعرف بها أمام النّاس وإن كان لصّاً مخادعاً ومختلساً ويحبّ أن يلتصق فيه خصلة الشّرف وإن كان خائناً لعهوده، ويحب أن يكون غنيّاً وإن كانت جميع ثرواته مسروقة من مالٍ خاصٍ أو من البلاد والعباد، هذا هو الحال الذي يشاهد في هذا العالم الذي نجد فيه بأنّ حتى تلك الوعود والعهود التي كانت تربطنا بالآخرين هي أحياناً لا قيمة لها، فما أن يأتي وقت الجدّ إلاّ وتقفَ بغرابةٍ أمامنا كلّ أسوار الخذلان العالية التي أضحت صنيعة جميلة منهم فنتعرّف حينها على حقيقة من نتعامل معهم، وكم نزداد إستغراباً وتأسفاً عليهم عندما يفاجؤوننا بأنانياتهم حين نشاهد منهم السباقات والمراوغات التي تبعدهم عن الحقائق والوعود والكلمات التي أقسموا عليها مقبلين على خيانة الأمانة ومبتعدين عن روح الشّرف والصّدق.

عالمي بل عالمنا هذا الذي أنا أحبّه بل جميعنا نحبّه هو ذاك الذي تحمل طيّات قلوبنا أماني كثيرة بأن نعيش فيه ونسكنه سنيناً كثيرة سعيدةٌ ومديدة جميلةٌ على الرّغم من بعض الجنون الذي يصيب أفكارنا ونحن نتعامل مع البعض من البشر الذين قد يوافقون وقد يخالفون بعضاً من مبادئنا ومواقفنا، جميعنا دون قصدٍ منّا قد نتمسّك أسس لا نريدها وقد نسير على مبادئ لانؤمن بها، هناك منّا قد يطيب لنا أنا نكون داخل حدودنا فقط وإن كان ما داخل تلك الحدود سيتسبّب بألمنا ربّما يكون مُعاكساً لتربيتنا وأخلاقنا، في عالمنا هذا قد نعيش مجبورين على أمور لا نبغاها، فنضطرّ العيش داخل عبائتها الذي يخالف عقائدنا وكأننا نقول للحقّ (لا أسمع ولا أرى ولا أتكلم)، فالكثير أراهم بعد تجربة ربع قرنٍ من الزّمان لا زال يهرب ويتهرّب من الواقع الذي يحيط به ويتجرّعه، ويفرّ من الحقيقة التي يعلمها، بل البعض قد يهرب منك ويتحاشى من المبين الصّواب حتى يكاد يصل إلى أن يعتبر الباحث عن الحقيقة هو الأشدّ عداوة وظُلماً من الظّالم نفسه.
عالمنا هذا يصبح غريباً عنّا يوماً بعد يوم نحبّه رغم كلّ ما فيه من الغرابة التي قد تكون مُنفرة أحياناً لدرجة أن لا تصل عقولنا إلى معرفة أسباب الخذلان الذي نجده من أولئك البعض الذين نحبّهم فأسكناهم في داخل قلوبنا، وهو رغم غرابته إلاّ أنّنا دائما ما نتمنّى أن يتذكّر كلّ إبن آدمٍ يسكنه بأنّه مُسخّر من قبل الله عزّوجل في هذه الأرض الطيّبة ليتبع الحقّ عندما يعرفه وبأن يبحث عن الصّواب عندما تكون الأمور خافية عنه، وليعلم بأنّه كبقيّة أقرانه البشريين من الطّين قد خُلق وإلى ذات الطّين سينتهي أجله المكتوب والمحتوم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights