الوطن المظلة الأمنة عند الشدائد
راشد بن حميد الراشدي
عضو مجلس إدارة جمعية
الصحفيين العمانية
كثيرة هي الطيور التي غردت خارج الوطن وارتحلت وفُتنت بالتطور والتقدم في بعض الدول المتقدمة والتي تسيدت العالم بألق تقدمها كما رآه الكثير ممن هاجروا وأرتحلوا طلبا للرزق أو السياحة أو التعليم أو العلاج أو الاستقرار وعاشوا في كنف حياة إطمئنوا بها بل ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك ألا وهو نبذ الأوطان والتبرؤ منها .
حتى إذا ما اطمأنت أنفسهم أيقظ مضجعهم وسعادتهم فيروس لا يرى بالعين المجردة فأذاقهم حلاوة الأوطان وعزتها وكرامتها فصرخوا مستغيثين بطلب العودة إلى أحضان أوطان باعوها بالرخيص طلبا لمجدٍ زائل بعدما انهارت إمبراطوريات التقدم والرخاء التي ظنوا بها كل الظنون ليحج الجميع إلى ديارهم الآمنة المطمئنة بإذن الله .
اليوم رأينا دروسا وعبر أن الوطن لا يساوم عليه مهما ضاق أو اتسع فلا مناص منه مهما كثرت الخطوب حولك .
مئات بل آلاف الطائرات عملت خلال الأسابيع الماضية لنقل العائدين إلى وطنهم الأم بعضهم لم يرى وطنه سنوات عجاف وعشرات الأخبار والفيديوهات المسجلة تتناقلها قنوات التلفاز وبرامج التواصل لنقل العائدين إلى أوطانهم من أقصى الغرب ومن أقصى الشرق ومن أقصى الشمال ومن أقصى الجنوب لتسجل كلمة شكر ووفاء لكل الشرفاء في مختلف الأوطان الذين يسروا نقل مواطنيهم لبلدانهم ليرفلوا تحت مظلة الوطن ويتفيئوا ظلاله بكرامة وعزه وخير .
اليوم علم الجميع وخاصة من ذاق غربةً عن الوطن أنه لا عزة ولا كرامة ولا حرية ولا وطن آمن سوى وطنه الأم مهما انبهر بتراث وتقاليد وحضارة غيره .
فمن دروس كرونا كوفيد١٩ هذا المخلوق الذي أعاد ترتيب الكثير من الأوراق التي خلط بينها من أوراق اللعب العالمية أثبت للجميع أن الوطن هو المظلة الآمنة عند الشدائد ولا حمى سوى حمى الأوطان .
وسلطنة عمان وأسوة بمختلف البلدان الشريفة التي تذود عن أبنائها في كل المحن والشدائد جندت كل طاقاتها وإمكانياتها لعودة أبنائها المغتربين في مختلف الدول فشكلت جسراً جوياً إلى اليوم لعودة معظم الذي كانوا خارج الوطن وعززتهم برعاية صحية متكاملة بعد رجعوا إلى الوطن بسلامة الله تحت إشراف مباشر من اللجنة العليا المشكلة للحد من تداعيات المرض وإنتشاره والتي جاءت بتوجيهات سامية من لدن جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله – لتبقى عمان بوابة الأمان لأبنائها ولجميع من يعيش فيها وليبقى الوطن هو المظلة الآمنة عند الشدائد.
ما أحدثه كرونا اليوم من تغيير سريع في الكثير من المباديء والأسس التي كنا لوقت قريب نستحيل حدوثها هو درس للتاريخ ستكتب صفحاته وفصوله على قواميس الزمن
وأن الغرباء لا يعرفونك إلا بلغة العبد الضعيف من خلال الإستفادة من مالك أو علمك وما أن تصيبك الدائرة تجد نفسك ملفوظ خارج السرب الذي غردت من أجله خاسراً نفسك ووطنك أكسير الحياة .
حفظ الله عمان وقائدها وشعبها وبلاد المسلمين من الأوبئة والجوائح والمحن إنه على كل شيء قدير .