عسل أسود
عندما كانت الفوانيس تضيء أم الدنيا لأستقبال الشهر الفضيل العام الماضي كتبت هذا المقال
مهنا بن صالح اللمكي
نحاول أن نكون ابناء اليوم، بينما جيناتنا فيها ذلك الحنين المركب لأيام زمان.
على ايديهم كانت نشئتنا الدراسيه الأولى بعد مدارس القرآن وقد استعنا بهم ورافقونا بداية مشوار النهضة بقيادة مولانا حضرة صاحب الجلاله السلطان قابوس المعظم – طيب الله ثراه – كانو خير معين في كل المجالات التعليمية والصحية والزراعية، وغزو منازلنا أعلامياً في قناتنا الوحيدة آنذاك، عشنا معهم دون ان نرحل إليهم وعرفنا عاداتهم وتقاليدهم واعجبنا بحضارتهم قبل ان نشرب من مياه نيلهم، أبحرنا بأخيلتنا مع رأفت الهجان والحلميك وذئاب الجبل وأولاد حارتنا لنجيب محفوظ وغيرها من الأعمال الجميلة، وغاصت قلوبنا ومشاعرنا في رحلات إيمانية مع خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي.
“آه يازمان” جملة خرجت من أعماق قلب الاستاذ عبدالصمد إسماعيل بائع التحف في قلب العاصمة المصرية (القاهرة) بوسط البلد وبالقرب من التحرير عندما إلتقيته منذ أيام وحدثته عن مصر زمان، حيث الوضع السوداوي ألقى بظلاله على الحياة في جميع نواحيها حتى في التعامل مع المواطن أو زائر البلد، وأصبح الاستغلال والنصب من بعض الفئات لموارد البلد السياحية والاقتصادية هو سيد الموقف، وقد تراجع الزخم السياحي ولم يعد كما كان، ولكن تظل الأرياف وصعيد مصر محافظة على هدوئها وطبيعتها رغم التحديات، ويبقى الزحام هو مايميز المحروسة مع أسواقها العتيقة كسوق خان الخليلي التراثي والعتبة والمنشية وغيرها، وقبل رمضان تزهو بفوانيسها كل الشوارع والمقاهي والمنازل ويردد ابن النيل:
رمضان جانا وفرحنا به
بعد غيابه وبقاله زمان
غنوا وقولوا شهر بطوله
غنوا وقولوا
اهلا رمضان . رمضان جانا
بتغيب علينا وتهجرنا وقلوبنا معاك
وفى السنة مرة تزورنا وبنستناك
من إمتى وأحنا بنحسبلك ونوضبلك ونرتبلك
اهلا رمضان جانا قولوا معانا.
نتمنى أن نعيد آلة الزمن للوراء قليلا لندرك أن بصرنا كان غنيا بالحياة أكثر، لون الخضرة الممزوج بنظرات البراءة، الامتداد للطبيعة ساحر كطبيعة امتداد قلوب الاشخاص، إذ نكاد نبصر جمالها بأعيننا المجردة، حتى النجمات لم تعد تسامر النخيل كما نعهدها، تلك الرومانسيه غارت كثيرا في آبار موحشه من الدم العابر للقارات والخادش لحياء الانسانية.