2024
Adsense
قصص وروايات

فررت إليك فلا تردني

إلهام السيابية

صمتت الشفاة ومازالت الأفواه جائعة، تحمل بين طياتها قسوة القلوب وجفاء العواطف وثقل الخطايا والذنوب وتتزود من الحياة حبا ورغبة في الملذات وعشقا لحب الدنيا، وتبتعد عن كل ما يرضي الله، فتجد فيما تفعله حلاوة وتمتع ، تجد فيه عملا خفيفا وسهولة ويسر وكأن الله يجملها ويقربها لقلبها لتقوم بعمل المزيد منه فسرقة الأموال خفيفة على اليد ولكنها تكنز المال وتكثر الحرام وتقرب النفوس المريضة من بعضها، ويرتفع صوت الحرام ويصعب رؤية الحلال إلا صفاء ذات القلب الشغوف بحب الله، وتطلعها دوما لما يرضيه، فتبعد الوساوس الدنيوية عن القلوب التي تراخت وأصرت على معصية الله كقلب هند ، وكلما تقربت منها صفاء خارت قواها وتعالى صوت الضمير لديها، ولكنها لم تتحمل ذلك الألم الذي يغمد سكينة في صدرها، فاختفت عن الأنظار لكي لا تراها صفاء، فهي قد تدنست بالمعصية من رأسها حتى أخمص قدميها ولا تريد أن تلوث صاحبتها بأي ألوان الرذيلة التي تحملها ولو كان اسمها صاحبة وتتذكر المثل القائل :(قل لي من صاحبك أقل لك من انت).

وجدتها صفاءتقلب في كتب المكتبة فهي تعلم عشقها للقراءة،
ماذا تريدين مني؟
صفاء :لن تصدقيني!
هند:ولما؟
صفاء : لأني أنا مازلت لا أصدق ولكن الله قادر على كل شيء.
هند :ماذا تعنين بهذا الحديث؟
صفاء :هي رؤيا وأتمنى من الله لك الثبات.
واختفت.بمجرد أن استدارت وكأنها ترى شبحا.

تقدم منها شاب غريب وكأنه يريد أن يستفسر عن شيء فسألها : أنتِ مسلمة؟
لم تعرف بما تجيبه وخرجت من المكتبة مسرعة والسؤال يتردد في رأسها؟؟
مسلمة؟ نظرت لزجاج النافذة الذي عكس صورتها بكل شفافية وهي تسأل نفسها : أانا مسلمة وأنا أرتدي هذة الثياب؟؟ أانا مسلمة؟ وقلبي معلق بماطاب لي من ملذات الحياة، أنا مسلمة مسمى مكتوب على أوراقي الشخصية فقط، ولكني لم أتعلم كيف أسلم نفسي لله حبا وطواعية،ماذا؟؟ أتترك كل ماتحب، حتى أهلها لاهون في هذه الدنيا مثلها.

تحاورت مع أمها يوما وهي تسألها : ألا تظنين أن مانفعله يغضب الله؟؟ أجابت ببرود :ولما؟
هند : أشعر أن ملابسنا فاضحة، واختلاطنا بالرجال خطأ كبير، وشرب المنبهات، والكحوليات، ولعب القمار.
الأم :كل إنسان يخطئ ويتوب ويعود لله فيتقبله الله إن كانت توبته خالصة له.
أجل يتوب!!! وتوبة خالصة!!
ماذا يحدث لي؟
ماذا أفعل؟ كان البكاء يقطع قلبي كلما وقفت أمام ربي أناجيه وقت الليل وتذكرت أفعالي فأقول : إلهي أنا العبدة الفقيرة إليك جئتك تائبة، فهل تقبلني؟ أذنبت وأنا العاصية. ولرحمتك راجية، فوجدت حلاوة في الدعاء ينساب على قلبها كنور في القلب،
لم تشعر بنفسها وهي تجدد أوراقها مع الله فصدقت معه فأصلح حالها، شعر أهلها بتغييرها والزموها بالبيت ولكنها كانت تعشق غرفتها لأنها تلتجيء فيها لله بكثرة الدعاءوالاستغفار.

تجمعن حولها صويحباتها والكل يسألها :ألم تشتاقي لسهراتنا ورحلاتنا مع الشباب، وقيثارة جمال التي تدندن ونحن نتراقص على أوتارها، ألم تحني لذبذبات الحب ولهيب العشق.
(كفى، كفى) صرخت هند بقوة،وأخذت في البكاء، فظنت كل واحدة منهن أنها أثرت فيها، إلا أنها نظرت لهن وهي تقول : كيف سيقبلني الله وقد قمت بكل ما يغضبه، لا أعرف لما لم ينصحني أحد، لما؟؟ ها أنا أنصحكن بأن لا تستمروا في هذا الطريق استثمروا بما يحب الله لا بما يكره، ففروا إليه .

كان أمل أهلها الوحيد بتزويجها من جمال، ليتخلصوا منها كفرد بدأ يؤثر على الآخرين من حولها. في ليلة زفافها كانت هند ترتدي ثوب الزفاف الأبيض الذي قامت بنزعه رغم غضب أمها التي كانت تصر على عدم خلعه، إلا إن هند أصرت على ذلك واسرعت للوضوء فاذان صلاة العشاء ينبهها لدخول وقت الصلاة ،
مر الوقت وهي تصلي وأمها تناديها بالإسراع لتنهي صلاتها إلا أنها بقيت ساجدة فترة طويلة، غير مبالية بأمها التي تقف خلفها منتظرة لتلبسها ثوبها،
(هذا يكفي) صاحت أمها بغضب وحاولت أن توقفها إلا إنها سقطت ساجدة ولفظت روحها عند السجود، صدقت مع الله فكأفاها الله بالخير الكثير، ومنها عودة أسرتها للدين الصحيح بعد أن وجدوا النور في ابنتهم فأضاء الله قلوبهم لنوره.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights