الأمل في زمن الكورونا
د. علي زين العابدين الحسيني الأزهري
باحث وكاتب أزهري
(1)
الكورونا
احترتُ ماذا أكتب؟ فأنا أعرف ما أصاب الناس من فزع هذه الأيام بسبب فيروس (كورونا) المنتشر يمنة ويسرة، حيث دخل الخوف بسببه العالم شرقه وغربه، وتوقع المكروه منه أكثر الناس، وأحسب أنه خوف طبيعي لا يلام شخصٌ عن ذلك.
كلّ التقارير المقروءة أو المسموعة عن هذا الفيروس مزعجة، والأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام متعبة، والبيانات التي تصدرها الجهات الصحية المختصة محزنة، ومقاطع الفيديو المتداولة عن المصابين به مرعبة.
يتساءل الجميع ماذا يمكن أن يفعله بنا الفيروس؟ ومتى ينتهي؟
هل جربتم أن تعيشوا أحداثاً لا تعرفون نهايتها؟
وهل تظنون أو تتوقعون خارطة العالم والتغيير الذي سيحدثه هذا الفيروس بعد القضاء عليه؟
يجب أن نعتقد أن هناك تغيرات كثيرة ستكون، وأن نهاية هذا الوباء لا يعلمها أحدٌ من المختصين فضلاً عن العوام، لكننا على يقين بأنها أقدار الله أجراها لحكم لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.
(2)
الأمل
تلك الكلمة التي يلزمنا أن نرددها ونعيشها في أيام (الكورونا)، فالأمل حلٌ لكثير من المشكلات والعوارض، وربما تختلف طريقته، ويتغير مسماه حسب المواقف، لكن يبقى أنه المخرج الأسلم من الأزمات، وهو الطمأنينة وهدوء النفس.
كرر عبارات الأمل والتفاؤل والاستبشار بالخير على مسامع مَن حولك خصوصاً لكبار السن والمرضى؛ لأنها إذا تكررت على الأسماع تقررت في القلوب.
ضُيقت علينا الحياة في هذه الأيام بسبب فيروس (كورونا) لحِكم، وقد يكون هذا الأمر لما هو خيرٌ لنا في مستقبل عمرنا، فلا تيأسوا، وأبقوا الأمل في قلوبكم.
حسبنا من (الكورونا) أن قلوب العباد تعلقت بربهم، وبات الناس ينتظرون الفرج من المولى سبحانه، ويدعون ربهم في ذلة وخضوع أن يكشف ما حل بهم، وانتظار الفرج من العبادات.
أفعال المحسنين هذه الأيام، وكلمات التحفيز من أهل المروءة، وعبارات الطمأنينة من أرباب التخصص ستعيش في قلوب الأمة عمراً طويلاً؛ لأن التاريخ يسجل الإنجازات، ويرصد أفعال العظماء.
إن من حولنا أشخاصاً مُحبطين، فإذا رأيتم شخصاً وهو في غمرات إحباط المحيطين به فلقنوه الأمل وأخبروه عن أقدار الله.
بات معلوماً لكل شخص أن عامل نجاح الدول ليس المال، وأن أرباب الاقتداء والفخر ليسوا مشاهير الرياضة والفن، وإنما النجاح في العلم والأخذ بأسباب التطور والعكوف في محراب المعرفة بجميع تخصصاتها، فلعل العقول تفيق وتتجه لما هو أنفع لها.
تَعرف المجتمع على فئةٍ قليلةٍ عاملةٍ في صمت، ولا يقل دورها عن دور الجنود المرابطين على حماية الحدود، وهم فئة الأطباء وأعوانهم، فاتجهت لهم الأنظار بالتقدير والاحترام والثناء والدعاء، وسقطت الأقنعة عن كثيرٍ من المشاهير ممن لا حاجة مرجوة من تصديرهم في المجتمع.
(3)
بارقة الخير
بينما اليأس إذ الأمل، وبينما الحزن إذ الفرج، وبينما الكورونا إذ العافية، وبينما التوتر إذ راحة البال، وبينما الجهل بأسباب التقدم إذ الاهتمام بالعلم.
أَنْستنا الأيام السابقة المخاطر المحتملة من الفيروسات وانتشارها كالكورونا، وتجاهلنا قوة العلم ووسائل التطور، فأرجو ألا تفقدنا أيام الكورونا الأمل والتفاؤل والاستبشار بالخير.
وفي أيام كورونا:
انشروا الأمل، فإن لم تستطيعوا فعودوا أنفسكم التفاؤل، فإن لم تستطيعوا فالتزموا الصمت، وهو أقل المطلوب.
حفظ الله العباد والبلاد من كل سوء، ووقانا الله وإياكم شر هذا الوباء.