يوم المعلم العماني
بقلم : د . عبدالحكيم ابوريدة
الحمدلله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على النبي الأكرم وعلى آله وصحبه وسلم .. وبعد : –
لقد رفع الإسلام من قيمة العلم وأعلا من شأن العلماء قال تعالى( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) وفي هذه الأيام تمر بنا مناسبة طيبة وهي يوم المعلم العماني – المعلم الذي هو محور العملية التعليمية وهو مشغل النور الذي يضيء دروب الحياة ويخرج المرء من ظلمات الجهالة إلى نور العلم والمعرفة ، ويكفي المعلم شرفاً أن يتأسى بخير البشر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال( إنما بُعِثتُ معلما).
إنه لشرف عظيم لكل معلم ان يكون قدوته رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومكانة المعلم مكانة عالية ومنزلته منزلة سامية فهو وريث الأنبياء وهم أجل مكانة من الملوك
قال عنهم أمير الشعراء احمد شوقي : ” كانوا أجل من الملوك جلالة ، وأعز سلطانًا وأفخم مظهراً” ، ويذكر لنا التاريخ هذه القصة التي تبين مكانة المعلم ومنزلته وهو ان الخليفة العباسي هارون الرشيد قد اتخذ معلما مؤدباً لابنائه ووليا عهده الامين والمأمون يسمى الأصمعي وقد نُقِل إلى الخليفة ان ابني الخليفة تسارعا إلى نعال معلمها الأصمعي أيهما يلبسه أياهما أولًا واختلفا في ذلك ثم اتفقا على أن يتقاسما الحذاء ويلبسه كل واحد منهما واحدة فاستدعي الخليفة الرشيد هذا المعلم وسأله قائلا يا أصمعي من أعز الناس؟ فأجاب الأصمعي أعز الناس أمير المؤمنين فقال الرشيد لا بل أعز الناس من تسارع أبناء أمير المؤمنين ووليا عهده ان يلبساه الحذاء .
وهناك العديد من الآيات والأحاديث التي تُعلي من شأن المعلم منها قوله تعالي : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظ وافر) ، ومنها ( عن أبي أمامة الباهلي قال: ((ذُكِرَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان : أحدهما عابد ، والآخر عالم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله وملائكته وأهل السموات والأراضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)) . . قال الفضيل بن عياض : (عالم عامل معلم يدعى كبيراً في ملكوت السموات) .
والآيات والأحاديث في فضل العلم والعلماء أكثر من أن تحصى أو تُعد .
وقد صور أحد الشعراء مكانة المعلم وأجاد في ذلك حيث قال :
أفنيت في التدريس كل شبابي
وغرست دين الحق في طلابي
سيقدر الطلاب جهدي بينهم
والفضل يعرفه ذوو الألبـــــاب
سل دفتر التحضير بل وحقيبتي
في الفصل سل سبورتي وكتابي
وسل المجند أنني درّسته
وسل الإمام الفذ في المحـراب
وسل الطبيب إذا مررت بداره
أضحى طبيب القلب والأعصاب
وسل المهندس كيف أضحى فارسًا
رفع المباني فوق كل سحاب
واهمس بأذن موجهي بلباقة
كي لا يسخّر نقـده لعتابــي
واذكر بأني في الورى أستاذه
كم كان للتعليم يطرق بابـي
كم كنت جسرا للعبور أنا الذي
أرشدت طلابي لكل صوابـــــي
في فسحة الطلاب أُشرفُ واقفًا
والاحتيـــــاط علاوة لنصابــــي
كابدت في التدريس كل مشقة
لكـن ربي لن يضيع ثوابــــي
واذا كان الله عز وجل قد أعلا من قيمة العلم والعلماء وكذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فحري بنا أن نرفع القبة اعزازاً وتقديراً وإجلالاً وإكراماً لكل معلم
“قم للمعلم وفه تبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولًا :
تحية لكل معلم في يوم عيده
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل .. وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين .