عبقرية القيادة للحكيم الراحل جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه
سالم بن سيف الصولي
لقد تعددت استراتيجيات إدارة الأزمات لدى الكثيرين من قادة الشعوب وذلك من حيث إحتوائها والتعامل السلمي بدلاً عن المواجهة العنيفة والقمع وقد قامت البلدان العربية التي إجتاحت فيها تلك الثورات الربيعية منذ عام (2011م) الى المواجهة العنيفة بين القوات المسلحة والشعب مما أدى ذلك إلى إراقة دماء كثير من المواطنين بل أكتضت بعض المحافظات واستنزاح الكثير من الشعب إليها وقد وصلت إلى مئآت من الآلاف تتركين منازلهم وأمتعتهم وممتلكاتهم هرباً من جحيم الفوضاء التي حدثت في معظم بلدان الشرق الأوسط وبعض الدول الأفريقية فلننظر إلى بعض الدول وحكامها منهم من ترك البلد والفوضاء تعتري الشارع وأتخذ لجوء سياسي في بعض الدول العربية ومنهم من حكم (ثلاثون) عامآ وقام عليه شعبه وحُكم عليه بالفساد في قضايا متعددة ثم زُج به في السجن والآخر صمد وقاتل ثم قُتل بأدي مواطنيه .
إن الأزمة التي حدثت في سلطنة عُمان (2011) لم تصل إلى هذا الحد من المداهمات المباشرة مع الشعب والتفريق بقوة السلاح وقد قُدم لهم كافة الخيارات للوصول إلى المطالب التي دعت إلى ذلك وفي أغلبها استخدمتها بوضوح بعد حزمة من التغييرات والإصلاحات بداية تلك الإحتجاجات التي حدثت في شمال الباطنة وبالأخص في صحار يوم 27 فبراير 2011م وما يمكن الإشارة إليه فهو أن حالة ارتباك إعترت الحكومة هنا في عمان خلال الأيام الأولى من الأحتجاجات التي بدأت في 26 فبراير 2011م ويفسر ذلك بحداثة عهد الحكومة بالتجربة وعدم التنبؤ بها مسبقآ ولأول مرة يحدث ذلك ولم يتوقع وقد تطورت فيه الأحداث لذلك طغت في بداية الأمرالحس الأمني أكثر من غيره كما وصفت وسائل الإعلام المتظاهرين بالمخربين واعتبرتهم بسبب تصرفاتهم هذه لا يمثلون حقيقة العُمانيين والمجتمع العُماني وهذا شيء من إعطاء الثقة للمواطن ولكن وسائل الإعلام بعدها تداركت هذا المفهوم وتبنت سياسة أخرى لإحتوائها بدلًا من سياسة التصعيد وتغليظ الأمر والمواجهة وتمثلت هذه السياسة الناعمة في الآتي : –
سيطرة المحتجين والمتظاهرين على دوار الكرة الأرضية في شمال الباطنة بولاية صحار دون تدخل من قبل قوات الأمن وشمل غض الطرف معظم أماكن الإعتصامات الأخرى وكان المتظاهرون في تلك الولاية بدأؤا يمنعون نوع ما مرورالمركبات الخفيفة والثقيلة من عبورالدوار من خلال الدوار الذي استخدم كموقع للتجمهر بل لإلقاء الشعارات والخطب وأداء الصلوات بما فيها صلاة الجمعة ووجهت الحكومة مجموعة من الوزراء بأوامر سامية من السلطان قابوس طيب الله ثراه للجلوس مع المحتجين والاستماع لآرائهم ومطالبهم رغم صعوبات الأمر والمخاطر التي واجهت الاستعانة بشيوخ ورشداء وأعيان المناطق كي يعدل المحتجون عن هذا التجمهر الذي قد يؤدي إلى التخريب ، ولكن حكمة الحكيم الراحل طيب الله ثراه تتجدد عبرهذه الأحداث وأيامها فقد تعامل مع هذه القضية بكل حكمة وجدارة فعندما تجمهر الشعب وانطلق إلى الشارع كما أسلفنا في مختلف مدن ومناطق السلطنة ومنها مدينة مسقط وصلالة والتجمهر أمام مجلس الشورى العماني فقابل ذلك رحابة صدره الكبير وبكل حكمة حيث وجه الجهات ذات الأختصاص والمسؤولين بعدم المساس بالمواطن أثناء تلك التجمعات والمطالبات فقد قال عليه رحمة الله أتركوا أبنائي وقد أرسل إليهم من كان يثق بهم لمعرفة مطالبهم والتقرب منهم واتخذ كافة الإجراءات المراد تنفيذها ، وعبر بهذه الأحداث الى بر الأمان وقد أصدر توجيهاتة السامية للحكومة بتعيين (50) الف من الباحيثن عن عمل في كل الأجهزة منها الأمنية والمدنية والقطاع الخاص وكان رحمة الله عليه مع المواطن ولم يسفك قطرة دم ولم يشرد مواطن ولله الحمد من وطنه وضحى بكبار المسؤولين بالدولة وذلك لإستقرار الوطن وأمنه حيث أعاد تشكيلة مجلس الوزراء الموقر من جديد لأجلك أيها الإنسان العماني الكريم ولإجل إستقرار الوطن وليعطي طابع خاص للعالم ودرساً نموذجياً في التعامل مع مثل هذه الأمور وهذه الإحداثيات الحساسة التي قد تقلب الأمور رأساُ على عقب لذلك حكم (50)عاما وكنا نتطلع للمزيد وبقائه في القيادة لسنوات ونحن بحاجة إلى وجوده بل العالم والسياسة الدولية والعربية والسياسة المحلية بحاجة إليه وبعض الشعوب العربية التي تخلى عنها أقرب الأقربين بحاجة إليه ولكن إرادة الله ومشئيته فوق كل شي . هذا هو قابوس بن سعيد طيب الله ثراه – فالفرق شاسع بينهما ولا مقارنة كما تعامل مع القضية اليمنية بكل شفافية وابتعد عن المشاركة في قتال اليمنيين بل استقبلهم وفتح لهم العين قبل الدار ومستشفياتها الحكومية والخاصة يعالج فيها بالمجان بل وفر له المسكن الملائم ولإسرته ومن كان معه في هذه الرحلة العلاجية كما إن عمان أصبحت بؤرة لليمنيين ومحطة عبور للصين والمانيا للطالب اليمني ولطالب العلاج بالخارج دون مشقة في المنطقة الحدودية ( العمانية/اليمنية) .. في 25 من تموز/ يولو 2017م نشر معهد البحوث الاستراتيجية التابع للأكاديمية العسكرية تقريراً بعنوان عمان والتحديات الوطنية والقضايا الإقليمية في عصر ما بعد السلطان قابوس للباحثة الباكستانية فتيحة دازي المختصة بشأن الخليج العربي والشرق الأوسط والذي بدأت فيه بنبذة مختصرة عن محتوى التقرير أوضحت فيه : “أن هذا التقرير يتحدث بإيجاز عن المشاكل الدولية والإقليمية الرئيسية والهامة التي ستواجه الخلافة العمانية المحتملة للسلطان قابوس والذي بدأت من مقاطعة البنجاب (لاهور) منذ عام 2014م موضحةً أن السلطان قابوس حاكم يصعب استبداله لدوره كأب للأمة بقيامه بتحديث الدولة وإخراجها من الحقبة الإنقطاعية وإعطائها دوراً دبلوماسياً قيماً للغاية كدولة وسيطة في منطقة تتقاذفها دوماً التوترات والصراعات مؤكدةً أن خليفة السلطان قابوس سيواجه مهمة صعبة على المدى القصير بسبب تأثر الاقتصاد بانخفاض أسعار النفط وسيكون التحدي الأهم على المدى المتوسط هو إحياء عقد اجتماعي أخذ في الاندثار ورغم هذه الصعوبات إلا أن دورعمان الدبلوماسي كوسيط في المنطقة وكوسيط بين واشنطن وطهران علاوة على موقعها الاستراتيجي المميز على مفترق طريق الحرير سيلعب دوراً هاماً في صالح عمان إن هي أرادت الحصول على دعم لاعبين إقليميين وعالميين في مرحلة ما بعد السلطان قابوس واتبعت ذلك بمقدمة جاء فيها أنه يصعب التلميح علانية إلى انتهاء عهد السلطان قابوس في عمان ومع ذلك يفكر الشعب في المستقبل بعد انتهاء حكمه إذ تزداد الشكوك والتخوفات خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي تسبب فيها انخفاض أسعار النفط منذ النصف الثاني من عام 2014م كما تحيط بالخلافة مشاكل عدة أولها مشكلة استبدال السلطان الذي جدد اقتصاد الدولة وجلب السلام بعد إنهاء تمرد ظفار وتُعرف سلطنة عمان في الغرب بشكل خاص بفضل ما يُكتب عن وساطتها الفريدة ودورها الدبلوماسي في المنطقة التي يسود فيها التوتر بين إيران والمملكة العربية السعودية مما جعل حكم السلطان الاستبدادي والذي لا يُمس يحظى بشهرة أقل ورغم أن السلطان يريد أن يُرى على أنه الأب المطمئن للأمة إلا أنه في الواقع يحتفظ بجميع السلطات التنفيذية تقريباً في قبضة يده فهو رئيس الدولة وقائد القوات المسلحة ورئيس الوزراء ووزيرالدفاع ووزيرالخارجية ووزيرالاقتصاد وتنبأت أن معظم التحديات التي سيواجهها خليفة السلطان قابوس في ضوء ما سبق ستكون تحديات محلية إذ لن يكون خليفته قادراً على استبدال نموذج السلطة المطلقة الخاص بالسلطان قابوس وسيحتاج لبسط سلطته معتمداً على أسلوب المشاركة بشكل أكبر معولاً على النخبة الأصغر سناً لتأسيس عقد اجتماعي جديد يمتد طويلاً من غير المرجح أن يساعد الوضع الاقتصادي السيئ تلك الخلافة الصعبة إلا أن السيادة المستقبلية بإمكانها الاعتماد على الإرث القوي الذي سيخلفه السلطان قابوس والمتمثل في أمة مسالمة وموحدة تلعب دورالوسيط بدون تدخلات منها والذي أصبح دوراً ضرورياً في منطقة تشوبها دوماً التوترات القوية علاوة على ذلك يجب الحفاظ على دورعمان في التوازن الاستراتيجي في المنطقة الاقليمية الرئيسية إيران والمملكة العربية السعودية وبين اللاعبين العالميين الولايات المتحدة والصين” .
وهنا جدر بنا أن نضيف إلى ما قالت به الأستاذة فتحية : إنَّ السلطان قابوس واضع كل الأعتبارات لمثل هذه وإن الخليفة سوف يرتسم خطى السلطان الراحل طيب الله ثراه وإنَّ عمان ستكون كما كانت في عهد السلطان قابوس لأن القاعدة متينة كما قال معالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن شؤون الخارجية التي تم تأسيسها بكل حنكة واقتدار وكما قال السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه بأن السلطان قابوس طيب الله ثراه عمل كل شي وبقت المسؤليات بسيطة ولله الحمد والمنه فالسلطان هيثم مدرسة من مدارس السلطان قابوس فعمان بإذن الله راح تكون كما كانت وستستمر على منهج ثابت لا يتزعزع وستكون عمان هي كما عرفها العالم ومدرسة تعلم العالم التسامح بعدم التدخل في شؤون الغير واحترام سيادة الدول فكل المسؤولين بسلطنة عمان مدرسة مصغرة من مدارس السلطان قابوس طيب الله ثراه .