الفن وأخلاقنا
خولة الكردي
ما نوع الفن الذي نحتاجه؟ هل نحتاج الى فن يهوي بنا الى القاع؟ أم نحتاج لفن يسمو بنا وبأجيالنا الى مراتب عليا، مراتب ترتقي بمجتمعاتنا الى سلم المجد والفخر، فن يعبر عن أصالة موروثاتها الثقافية خير تعبير، لأن الفن من المنظور الانساني هو أفضل سفير للمجتمع الذي يخرج من رحمه، وهو لسان حال الواقع الذي يعيشه الانسان، يعبر عن مكنونه وما يجول في خاطره بكل صدق وأمانة.
لقد أضحى الفن سلاحا قويا في هذا العصر، عصر العولمة والتحام العالم كقرية واحدة، وبات ينتشر ويتمدد بشكل سريع، لا يمكن معه التحكم بقوة تأثيره على الافراد و المجتمعات ، فالفضائيات باتت متاحة أمام الجميع، يرى فيها الجمهور الممتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، تلك الحكايات المصورة والتي قد تناسب ذوقه أم لا؟ فليس كل فن هو فن حقيقي نابع من عمق معاناة وحياة الانسان.
فبعمل واحد يمكن أن يغير وجه الأحداث، ويشعل فتيل تطورات لا تخطر على بال، فكم من عمل فني قلب رأس الأحداث وسارت في مسارات متقلبة ومختلفة، فرافع لواء الفن يحمل على عاتقه مسؤولية تدعيم الأخلاق باعتبارها موروث ثقافي توارثته المجتمعات الانسانية على مدى عقود طويلة، فكم شاهدنا من أعمال فنية تحط من قدر الأخلاق وتنزل به الى مستويات متردية، وتدعو إلى فساد الخلق وانحلال المجتمعات وتفسخها، فالقول الصحيح هذه الأعمال لا يمكن أن يطلق عليها سوى أعمال لا أخلاقية، فالفن الحقيقي يسمو بخلق الانسان ويرتفع به إلى قمم الشموخ والرقي.
ومن هذا المنطلق، أصبح الفن الأصيل هو حجر الزاوية لبناء مجتمع يعيش فيه أفراده بكل حرية واطمئنان، لانه يرسخ معاني الأدب والخلق، حتى أضحى هناك صراعا بين الفن الأصيل واشباه الفن!! حتى وصل الأمر إلى محاربة الفن الذي يحمي أخلاقنا وأفكارنا وعقيدتنا!! بمعول هدم يحمل لواءه مدعي الفن والرقي، فبزعمهم لا يوجد فن أصيل، لانه أسطورة وانتهت وزمن الفن ولى وراح!!
إن المجتمعات بحاجة إلى عمود ترتكز عليه، لتأصيل أخلاق أفرادها وتقوية ارتباطهم بعقيدتهم وتاريخهم الانساني، فنتاج المخزون الأخلاقي والثقافي للشعوب، لا بد أن يستمد تماسكه من ثقافته والذي يعتبر الفن الحقيقي والأصيل احدى أدواته.