د/ عبدالحكيم ابوريدة
ان الحمدلله نحمده ونستعين به ونستغفره ونستهديه ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، كتب البقاء لذاته وأوجب الفناء على خلقه ، ونشهد ان محمدًا عبده ورسوله القائل تسلية للمصاب بالقول الصائب” من اصابته مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب”صلى الله عليه وسلم.
أما بعد: فلقد فقدت عمان بل الأمة كلها الاسلامية والعربية رجلاً هو اعز ابناءها – المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله واسكنه فسيح جناته- وإننا اذا نعزي لا نعزي الشعب العماني وحده بل نعزي أنفسنا وامتنا العربية والإسلامية بأسرها
إني معزيكَ لا أنيِّ على ثقة ٍ
مِنَ الخُلودِ، وَلكنْ سُنَّة ُ الدِّينِ
فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ
ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ
وفي هذا المقام لا نملك الا ان نقول كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم” ان لله ما أخذ وله ما اعطي وكل شيء عنده بأجل مسميً فلتصبروا ولتحتسبوا “.
فإن الصبر من أجل الصفات قدراً ومن أعظمها نفعًا ومن أنفعها براً ، وهو من الإيمان بمنزله الرأس من الجسد وما وُجِد الصبر في شيء الا زانه وما فقد من شيء الا شانه.
ولقد ورد ذكر الصبر في القران الكريم في أكثر من تسعين موضعًا ، وأثني الله على الصابرين فقال” وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً” وقال:” أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا” وقال:” أولئك يجزون الغرفة بما صبروا” ولما نزل قول الله تعالى” مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم” قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : اللهم زد امتي، فأنزل الله قوله ” إنما يوفي الصابرون بخير حساب”.
فالموت قضية محسومة مسلم بها، وكل شيءٍ في الدنيا يجوز الإختلاف عليه الا الموت فإنه لا جدال فيه.
فلو كانت الدنيا تدوم لأهلها
لكان رسول الله حياً وباقيًا
ولكنها تفنى ويفنى نعيمها
وتبقى المعاصي والذنوب كما هي
نسأل الله ان يتغمد جلالة السلطان قابوس بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جنه وان يلهمنا وأهل بلاده الصبر والسلوان، كما نسأله ان يعامله بإحسانه ولا يعامله بميزانة وان يعامله بفضله ولا يعامله بعدله وان يعامله بما هو أهله فانه- سبحانه- أهل التقوى وأهل المغفرة وان يلحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا ، في جناتٍ ونهر في مقعد صدق عند مليكٍ مقتدر.
والله من وراء القصد، وآخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين.
