حسام والقرية
بدرية السيابية
كانت أيام جميلة عاشها حسام في قريته البسيطة، حيث الطبيعة الخلابة بين سهولها وجبالها والبساطة تسود قلوب أهل تلك القرية، ومرت الأيام والسنوات وكبر حسام وكبرت معه أحلامه وطموحاته، فقد درس وحصل على معدل ممتاز يؤهل حسام دخوله إلى أحدى الجامعات المعروفة في البلد، فتخصص في مجال الطب وأصبح الأول على دفعته، وكانت الفرحة تسعد قلب الشاب حسام ومشاركة أهله وأهل القرية فرحة تخرجه من الجامعة، فاستقبلوه أهله بأهازيج تهلل وتعلن فرحتهم الكبيرة بهذا اليوم الذي شهد تخرج ابنهم.
فأخذ حسام يقلب أفكاره هنا وهناك، وأخيرا قرر السفر إلى الخارج ليكمل دراسته العليا ويتعمق في مجال تخصصه، وكان حسام ذو خلق وطيبة قلب فتظهر على ملامح وجه البسمة والبشاشة ولا يتكبر على الغير، وتواضعه وبساطته جعلت محبة الآخرين له واكتساب احترامه للآخرين.
كان حسام يفكر بأهله وبقريته كثيرا رغم تواصلهُ معهم، وفكر بفتح عيادة خاصة في القرية عند عودته للبلد ويكون أول شهرين علاج بالمجان مرت الايام والسنوات ورجع حسام لوطنه حاملا معه روح التفاؤل والأمل والعطاء.
وأخيرا تحقق حلم حسام بعد انتظار طويل وتعب سهر الليالي ومشقة مسافة السفر والغربة، فتح حسام عيادة صغيرة مجهزة بكل الأجهزة المتطورة التي تحتاج اليها عيادته ودعى الله بأن تكون فاتحة خير عليه وعلى اهله وأهل قريته البسطاء وهكذا أصبح حسام حديث الجميع يمدحونه بشهامته ووقفته النبيلة ومشروعه النافع.
وهكذا مر الحال وأصبح حسام يتطور يوما بعد يوم وادخر مبلغا كبيرا وفكر في توسع عيادته الصغيرة إلى مركز كبير أسماه (مركز حسام الطبى) يعالج فيه الجميع حتى القرى المجاورة تأتي إليه وتم تجهيزه بالكادر الطبي والأجهزة.
وفي يوم من الأيام وصل رجل فقير مريض وفي حالة يرثى إليها إلى مركز حسام الطبي فتم استقباله وعلاجه فقال له أحد الموظفين: اذهب إلى المحاسبة!.
فذهب الرجل الفقير للمحاسبه وطلب منه مبلغ كبير ولكن للأسف الشديد لا يملك هذا الرجل المبلغ المطلوب فحدث جدال بينه وبين المحاسب إلى أن تم استدعاء المدير الدكتور حسام.
فقال الرجل الفقير: هل أنت المدير؟ قال حسام: نعم يا عمي انا المدير وكان حسام يبتسم في وجه الرجل بكل فرح.
فأخبره الرجل عن أمره وأنه لا يستطيع توفير بقية المبلغ.
هنا أبتسم حسام في وجه الرجل وأشعره بالطمأنينه وقال: لا عليك يا عمي فأنت اعطيتني الكثير من وقتك منذ أكثر من عشرين عاما فكيف لا أعطيك جزء من اتعابك! هنا صمت الرجل في دهشة واستغراب هل تعرفني يا ولدي؟
اصطحب حسام الرجل إلى مكتبه الفخم وجلسا يتحدثان عن ماضي جميل حيث البساطة وجمال أرواح غادرت وأرواح باقية حينها عرف الرجل حسام وعانقهُ بكل شوق وحنين
هكذا كان حسام رجل الشهامه والطيبة لم يغلبه التكبر والغرور بل جعل قناعتةُ وببساطتةُ نموذجا طيبا للغير.
ملاحظة: اسم الشخصية من نسج الخيال