مرايا نوفمبرية
د. مصبح بن علي بن خلفان الكندي
تشهد السلطنة بعد أيام حدثاً تاريخياً منتظراً ، يلتمس الشعب العماني فيه تنفساً عميقاً ، يذكرهم بأيام خلت حملت فيها ملحمتهم التاريخية التي قادها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ، بكلماته التي اثلجت صدورهم بعد ايام خلت من التفرقة ادت الى تلاحمهم ليكونوا جسدا واحدا ، وقلبا ينبض بالحب لعمان وقائدها ، يهتفون بحياته فقد وعد وانجز وخطط فحقق لهم ما تصبوا اليه انفسهم ، كم من عماني لو سالته لروى لك ذكرياته سواء عاشها او سمعها من اجداده وابائه ، حينما كانت السبلة العمانية لها دور عظيم في جمع الشتات ، ودوام المحبة بينهم ، جمعت قلوبهم قبل اجسادهم ، نقلوا خبر ما ينتظرهم من حياة الرخاء والدعة ، بقيادة قائد حكيم اعلنت تلك المسرات في اسواق السلطنة وقد شهدتها حين ذاك ، اعلنت الحناجر بالهتافات والاهازيج حيث خرجوا ملبيين دعوته ونبذ الاقتتال والفرقة ، يا لها من ايام جميلة لم يعرف حقها الا من عاشها ، وروى لي من احوالها ، فذرف الدمع مقدار حبه لعمان وقائد مسيرتها ، عاش بين حقيبتين مختلفتين ، لم تكن الحقبة الاولى الا تكملة للحقبة الثانية التي بدأها العمانيون وان كانت تشوبها بعض الخلافات الا ان العمانيين يعرفون بالشجاعة والاقدام ورزانة العقل فتقبلوا دعوة السطان لحمل راية الحضارة العمانية التي تأسست في اسرة ال سعيد التي دفعت بالحضارة العمانية وإمبراطوريتها الى الازدهار في ذلك الوقت ، فاكملها ابن عمان البار بحكمته وحنكته ، وخبرته بالحياة ورغبة العمانيين الذين تربوا على العزة والكرامة الى قيادة عمان بعد سنوات اسفرت عن فتن الحياة ، فعمان ليس لوحدها فقد كانت محط انظار الاخرين لمكانتها التاريخية والتجارية والاجتماعية ، ولعل من ينظر الى غزو عمان قبل البرتغاليين او من جيرانها الى انه عداء بل انه استيلاء على حضارتها الممتدة الى اواسط افريقيا والى العالم الغربي والاوروبي والافريقي بالذات الذي انتشرت فيه حضارة عمان وقيميهم واخلاقهم ، وقد نقل العمانيين من عاداتهم وتقاليدهم مما اثر على الشعوب الاخرى مع نشر الاسلام في المرتبة الاولى ، ومهما تنكرت الامم لعمان فقد حفظت الجزيرة العربية من ويلات الحروب التي يرزح العالم تحتها ، لقد انتشر التعليم في عمان بعد ان كان في مدارس بدائية الى مدارس ذات صيت ، رفعت من عمان الى مصاف الدول التي انتهجت التعليم الحديث من سنوات وخلال تسعة واربعون عاما يخطو التعليم خطوات مهمة عرفت عمان من خلاله ابناءه ومشاركاتهم المحلية والدولية ، ويكفى اخلاق العمانيين لهو دليل على وعيهم فكريا وعلميا ، فأثار التعليم في كثير من تجارب عمان دليل للعالم على سمو الاخلاق والافكار ، لقد عانت عمان سنوات عجاف من الفرقة والتشتت لكنها عادت كما عرفت وذكرها كثير من كتب في اسفاره وكتبه ، ومن زارها فعمان مهما عصفت بها العواصف فهي جدار سميك من التلاحم والتفاهم ، وهذه البرلمانات التي قادتها السلطنة دليل على وعي العمانيين ، وحين تجد السلطنة ان الحضارة والقيم الانسانية تقود البشرية يكون لها حظا وافرا من الحكمة التي ارساها القائد العظيم ، تتعثر الدول لتجدها في بساط الحكمة تنهل من معينها واحترامها وتوجيهها ، ويعلم العالم ان مكانة عمان ليس تاريخيا فقط وانما في كافة المجالات فالاحتكام اليها دليل على رزانتها ورزانة من يقودها ، لقد انتهجت السلطنة منذ بداية النهضة المباركة وعدا على نفسها في قيادة العالم الى السلم ومساندة كل من يستعد لحمل رايته بحكمة ، لن يكتب التاريخ عنها الا كل ما يجعلها قيما يسجله التاريخ في كتبه ويدرس في ارقى الجامعات الاجنبية قبل العربية ، لا يهمنا الاضواء البراقة ولا يهمنا من يهدم مستقبلنا لكننها سنبقى وسنخوض الحياة بفكرها وقيمها بما نعتقده ونعيشه نحن لا كما يقوله الاخرون فهذه البسة وقناع سيؤول الى الزوال ،منذ ان مد مازن بن غضوبة يده الى النبي محمد صلى الله علية وسلم ودعا له فعمان تمضي قدما نحو الخير والتفاؤل والعمل الدؤوب من أجل مستقبل الانسانية والبشرية جمعاء ، لقد اخذ السلطان عهدا على نفسه ليجعل من عمان وشعبها في مصاف الدول فقطع شوطا عظيما سجلته الحناجر قبل الدفاتر ، كما تقدمت السلطنة في مجال الصحة بكافة قطاعاتها المختلفة فأنشئت المستشفيات التي حققت تقدما ملموسا في مجال الصحة فشهد القاصي والداني لها ومازالت تخرج الافواج لحمل راية العمل ليكونوا اهلا لتحمل المسؤولية لهذا الوطن المعطاء ، ان السلطنة في جميع قطاعاتها تتقدم بحكمة موزونة محققة بذلك تقدما ملموسا لا يعرف حقه الا من عايش الحقبتين ، لقد نادى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس ابناء عمان منذ بداية فجر النهضة المباركة ومد يده من أجل عمان فهب الجميع شبابا وشيبا فانتفضت مشاعرهم من اجل البناء والتعمير اياما عشناها معهم وعشقناها لما فيها من الفرحة والبهجة ، ان الوان الطيف الذي تلونت بها اسواقنا ومنازلنا تعبيرا عن الفرحة لهي جانب اخر من التعبير واقامة الافراح في وسط الاسواق وفي ساحات الاحتفالات لدليل اخر على حب عمان وقائدها ، وتكاتف العمانيين من أجل عمان لهو شعار المحبة والسلام الذي تعارف عليه العمانيون منذ نعومة اضفارهم ، فلا غرو ان رأيت كل هذه الاحتفالات والاهازيج والتعبير بالأشعار وما تجود به القرائح من افكار وسمو الهمم لم يتخلف العمانيون عن نضال من أجل كرامتهم وعزتهم ، فقيادة حكيمة متوازنة ترفع شعار يدا تحمل السلاح ويدا تبني لحري بهم ان يقفوا معها وقفة رجل واحد ، فبناء العقول من أجل كفاح مرير وسعادة ينتظرهم مدوا ايديهم فكانت نهضتهم سبيلا لمجد تليد بناه الاجداد ولمواصلة الافراح والامجاد التي حققها العمانيون خلال سنوات مجدهم وما يزالون في بناء المجد على اكتاف امجادهم السابقة محققين سمعة طيبة في الداخل والخارج ، واخيرا نسال الله العلي القدير ان يجعل عمان بلدا عربيا حرا ابيا ، موئلا للخير ، وغيثا من المحبة وجمع الاخوان من شتات الزمان ونساله ان يجمع شعبنا الى ما يحب الله ويرضاه وان يؤلف بين قلوبهم ويجمع شتاتهم تحت راية واحده وان يبارك لهم في وحدتهم وما حققوه خلال سنوات كفاحهم ، وان يديم على سلطاننا طول العمر وان يلبسه ثوب الصحة والعافية حفظه الله ورعاه وسدد خطاه نحو المجد فهنيئا لعمان بهذا القائد وهنيئا لشعب عمان هذا المجد التليد .
musabah@hotmail.com