عين على المحاباة والمجاملات
حمد بن سعيد بن سالم المجرفي
يحكي بأن منذ قديم الزمان عاش شيخ عجوز طاعن فى العمر فى منزل متهالك بعد أن رزقه الله بمولود فكان فقير الحال لا يقوى على أيجاد قوت يومه وكان يسعى يوم وراء الاخرى للبحث عن مصدر يقيت به أبنه الذي يتضرع الجوع .
ففى أحد اليالى أخذ بما تقاضاه من اجرته وأشترى كسرة خبز وذهب الى البيت فخبئ كسرة الخبز فى أحدى الاماكن لكي يقدمها لابنه فى صباح الباكر
وعندما صحيئ الابن ذهب الرجل العجوز يبحث عن كسرة الخبز فوجد بقايا من فتاتها باقيه والخبزة قل أنقض عليها الفأر وأكلها ..
فأخذ الابن يبكي ويتضرع جوعآ وخرج رجال القريه فسمع صوت الطفل وبكاؤه وطرق الباب وسأل عن حال الطفل وما يبكيه
فقال لهم الرجل العجوز بأن يبكي جوع ولا يوجد ما بوسعي ما أجده له سوى كسرة خبز ولاكن أكلها الفأر
فأخذ الرجال بقهقهه ضاحكين منه ويستهزئون به قائلين : أيعقل بأن فأر يأكل كسرة خبز ..
فاشتكى العجوز لشيخ البلده يخبره عن رجال بلدته وسخريتهم منه ..
فقال له خذ هذا القوت لابنك واترك الامر لي..
وباليوم الثاني عزف الشيخ عن الذهاب الى المجلس العام فافتقدونه رجال البلده وذهبو اليه ليطمئنو عن حاله فتبلئ عليهم بالحزن
فقالو : ما بك يا شيخ ؟
فقال : اليله الماضيه تركت على الباب محراث حديد وعندما حان الصبح ذهبت ابحث عنها فوجدت الفأر انقض عليها ولم يتبقي منها شي
فقام جميعهم يتحسرو على ما حل بالشيخ من معاناه وما لقيه من مضايقه الفأر وأخذ كلا منهم يقترح بجمع المال لكي يعوضانه بالبديل !
فضحك الشيخ قائلا :
عجبآ لأمركم بالامس رجل فقير حين قال بأن كسرة الخبز أكلها الفأر كذبتموه واستهزئتو به واليوم قطعه حديد صدقتموها وتكاتفتو لاستبدالها .
فكم من اعمال أضيعت فى زمن كثرت به المحاباه وتوالت عليه المجاملات وكم من أيادي سخيه غطت عليها أيادي طامعه وصعدت على أكتافها فلا هناك إشخاص عملت ولا ترك العمل لمن بوسعه أن يعمل لنعلم بأن متي ما حللت المجاملات تخلخلت النفوس وأصبحت لا تقوي على الصمود بكونها خذلت اشخاص ذو الهمم ورفعت على من لا وجود له للقمم ..