2024
Adsense
مقالات صحفية

مقال: نريد أن نفهم فقط

أحمد بن سالم الفلاحي

shialoom@gmail.com

استطاع “برنامج الحج” الذي وضعته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، الذي دشنته لموسم الحج للعام 1347هـ ، أن يلملم الكثير من الترهل الذي كان يعاني منه موسم الحج، في مختلف شؤونه وشجونه، كما يقال، سواءً من حيث تسجيل الحجاج، ومن حيث حملات الحج، ومن حيث الأسعار، ومن أشياء أخرى يعرفها المعنيون في الوزارة الموقرة، وبالتالي جاء هذا البرنامج – الذي نباركه جميعا – بمثابة “الفلتر” الذي ينقي هذه الشوائب جميعها، ويضع الجانبين الوزارة والحاج على رؤية واضحة، حيث لا ضرر ولا ضرار، وهو المؤمل أساسا من وضع هذا البرنامج القائم على المبدأ العلمي، بعيدا عن اجتهادات الأفراد، من الجانبين، والذين عادة ما تخونهم الشفافية، والتجرد من المصالح الذاتية.

هذه الصورة اليوم، بعد تجربة البرنامج في موسمه الرابع على التوالي، تنبئ عن كثير من المكاسب المعرفية، والاجتماعية، والمادية؛ وهذا شيء كبير، وكبير جدا، ولكن ما أربك هذا المشهد هو مجموعة من المشاهد التي كانت خارج سياق البرنامج، حيث ذهب عدد من القاصدين أداء مناسك الحج دون أن يمروا على استحقاقات البرنامج، ودون ان يخضعوا الى المعايير الموضوعة فيه، وهي مشاهد قام بها أفراد من وحي جهدهم الشخصي، ومن بنات أفكارهم، وهي مشاهد وممارسات لا نحتكم هنا في شرعيتها، ولكن نقف على وجه الصدام غير المباشر، بين ما تسعى اليه الوزارة الموقرة من تنظيم، وتيسير وفق الأسس العلمية؛ ولمصلحة الحاج، يقينا، وبين من يخرج عن هذا السياق؛ بناء على قرار شخصي بحت ضاربا بهذا الجهد الخير الذي وضع في البرنامج عرض الحائط، وما سوف يشكله هذا الخروج من تكاثر عدد هؤلاء الخارجون عن البرنامج.

هذا الجانب، وأما الجانب الآخر كيف يخضع هؤلاء لآليات التسجيل في البرنامج، والتي يسعى البرنامج من خلالها الى حصر المؤدين لفريضة الحج على وجه الخصوص عندما يجبرهم ظرف ما الى العودة الى البرنامج لتسجيل أسمائهم وهم قد أدوا فريضة الحج، وأضافوا عليها عددا من مواسم التطوع؟ والسؤال الآخر: ولا زلت حائرا حوله، كيف استطاع هؤلاء النفاذ من النقاط الأمنية التي وضعت للدخول الى أماكن تأدية المناسك، وحيث أنني عشت التجربة بكل تفاصيلها، من حيث أخذ بصمات الأصبع والتصوير الضوئي، والمطالبة بالرخصة الإلكترونية لكل حاج؛ والصادرة من السلطات الأمنية في المملكة العربية السعودية فقد تولدت لدي قناعة بأنه لا يمكن لأي قاصد للحج أن يدخل أراضي المملكة الا إذا تحققت عنده كل هذه الأدوات والرخص، (فعلا المسالة صادمة الى حد بعيد).

الطرح هنا لا يتهم أحدا، ولا يعيب على أحد قط، بل يضع تساؤلات عن مستقبل هذا البرنامج في المواسم القادمة، من حيث كيفية التوفيق بين ما يسعى اليه القائمون عليه من حيث التنظيم والتيسير، وإتاحة الفرص لأصحاب الفروض، بالدرجة الأولى، والتحكم في أعداد الحجاج العمانيين على وجه الدقة، وعدم تكرار حالات الحاج الواحد بصورة مستمرة، وبين هذه الممارسات الخارجة عن البرنامج، وخطورة بقائها خارج نطاقه، وما يتبع ذلك من تزايد الأعداد في المواسم القادمة، وعدم الاهتمام بمحددات البرنامج واستحقاقاته، “وكأنك يا أبو زيد ما غزيت”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights