مقال: كيف نشارك في حفض الطاقة وجعلها مستدامة في عُمان
بقلم الدكتور حسين كاظم
أستاذ مشارك وخبير طاقة
إن ترشيد استهلاك الطاقة او مايسمى علميا بحفظ الطاقة هو مجموعة اجراءات وسلوك يفضي الى خفض الطاقة المستهلكة لاداء نفس الغرض، وهذا ينعكس اقتصاديا على الفرد والمجتمع والحكومة من جهة وعلى الاقتصاد والبيئة من جهة اخرى. ويعتبر موضوع حفض الطاقة من المواضيح الحيوية والجديدة التى اصبحت تشغل بال الجميع افراد وحكومات لما لها من تاثير اقتصادي وبيئي، فمن الناحية الاقتصادية يتطلب من الفرد دفع مبالغ اكثر للحصول على الطاقة سواء كانت كهربائية او وقود للنقل او غيرها، اما بالنسبة للحكومات فيتطلب صرف جزء مهم من الميزانية لتغطية هذا الجانب الحيوي وبالتالي ياتي على حساب الجوانب الاخرى في الميزانية.
فاذا اخذنا جانب الطاقة الكهربائية كمثال في عمان فسنجد انها رخيصة نسبيا مقارنتة مع الاسعار العالمية وهذا بسبب الدعم الحكومي لسعر وحدات الطاقة الكهربائية من جهة ودعم اسعار الوقود المستخدم في توليد هذه الطاقة من جهة اخرى. ولكن المبالغ الكبيرة التي تصرف في هذا الدعم ممكن توفيرها وصرفها في موارد اخرى كانشاء مستشفيات او مدارس او مؤسسات او توفير وضائف عمل او غيرها من الاستثمارات التي تنعكس ايجابا على اقتصاد الفرد والمجتمع والدولة بصورة عامة. ولكن السؤال الاهم كيف نستطيع ان نشارك في حفظ الطاقة وترشيدها كافراد في مجتمع وفي هذا المجال هناك العديد من النقاط جديرة بالملاحظة بعضها قد لايتناسب مع ثقافة المجتمع وان كانت مستخدمة في بلدان متقدمة كثيرة ولذلك ممكن تجاوزها والتركيز على ما هو ممكن ومتماشي مع ثقافة المجتمع. وقبل طرح هذه الافكار ممكن تقسيمها الى تكنولوجيا او سلوك. فالتكنولوجيا المستعملة في المنزل او المصنع او المؤسسة او غيرها ممكن التحكم به والتوجه نحو استخدام اجهزة اقل استهلاكا للطاقة وصديقة للبيئة ومتجددة هذا من جانب، ومن جانب اخر سلوك الافراد في المجتمع ينعكس على حفض الطاقة.
اما التكنلوجيا فممكن تقسيمها الى ماهو متعلق بالبناء والمباني، التدفئة والتبريد، الانارة، الماء الساخن، الاجهزة المنزلية، وغيرها. اما على مستوى البناء والمباني فمن النصائح في هذا المجال هو استخدام العوازل للجدران والسطوح والنوافذ المزدوجة ومظلات النوافذ والتشجير وغيرها من الافكار التي لايسع المقام لذكرها. وبالمناسبة فان الجدوى الاقتصادية لهذه التدابر تثبت انها وان كانت الكلفة الاساسية اعلى ولكن الكلفة الكلية للعمر الافتراضي اقل. وقد يكون من المناسب الاشارة الى اهمية وضع قوانين تراعي حيثية الطاقة والاستدامة ليتم اتباعها في البناء. اما التدفئة والتبريد فقد تكون التدفئة اقل اهمية من التبريد في عمان باعتبار ان الجو ساخن معظم اشهر العام ولذلك من النصائح استخدام التبريد الاقل استهلاكا للكهرباء كالتبريد بالمياه والتوجه الى اجهزة التبريد الكبيرة بدل الصغيرة للمباني و اجهزة التكييف التي تستخدم منظم حراري مبرمج او حتى استخدام التبريد بالطاقة الشمسية او طاقة باطن الارض والتي تكون اكفاء وارخص. اما الماء الساخن فانه من المهم بمكان التوجه نحو السخانات الشمسية لما له من انعكاس كبير على استخدام الطاقة وعلى الكلفة الاقتصادية والتي تهم الفرد بالدرجة الاولى. اما اجهزة الانارة فلا بد من استبدال المصابيح الشمعية بمصابيح توفير الطاقة لما له من انعكاس على جوانب اخرى غير حفض الطاقة كالاقتصادية والبيئية، حيث ان مصابيح حفض الطاقة لها عمر افتراضي اطول واستهلاك اقل للطاقة و مساهمة في حرارة الجو اقل وبصمة كاربونية اقل لذا فهي صديقة للبيئة. اما الاجهزة المنزلية فلابد من مراعات استهلاك الطاقة وليس التركيز على الشكل والقيمة واللون والمُصنِع، فمثلا غسلات التحميل الامامي توفر 50% من الطاقة مقارنة بغيره، وافران المايكرويف توفر 75% من الطاقة مقارنة بغيره، وهناك العديد من الشواهد في هذا المجال.
اما بالنسبة لماهو متعلق بالافراد والعادات فلابد من البدء من كيفية استخدام الاجهزة الكهربائية في المنزل والعمل وغيرها من الاماكن الخاصة والعامة. فمثلا ينصح بالحفاض على درجة حرارة مكيف التبريد على 22 الى 23 درجة مئوية بدلا من جعلها 15 او 16 درجة. ايضا ينصح باطفاء المكيف في حالة عم الحاجة فبعض الاحيان يترك مكيف الهواء يعمل رغم عدم وجود احد في المكان. ايضا ينصح باطفاء اجهزة التلفاز والانارة وغيرها عند عدم الحاجة. استخدام الاجهزة الاقل استهلاك للطاقة ذات كفاء اكبر، توعية الافراد في العائلة والمجتمع لتحمل مسؤلياتهم في هذا الصدد. اقامة حملات التوعية ظمن برامج مدروسة عن طريق الاعلام والمدارس والمؤسسات لتسود ثقافة حفض الطاقة.
هي دعوى للتكاتف والعمل من اجل حفض الطاقة وجعلها مستدامة في عمان لما فيه خير للفرد والمجتمع.