عمر الفهدي
في وقت يُفترض أن تكون فيه مراكز العلاج الطبيعي ملاذًا آمنًا للأشخاص ذوي الإعاقة، تحوّلت بعض هذه المراكز إلى مسارح للعنف والإهمال، تفتقر إلى أبسط مقومات الإنسانية والرعاية.
بين عامي 2007 و2009، عاش أحد الأطفال من ذوي الإعاقة مأساة صامتة داخل أحد مراكز العلاج الطبيعي. لم يكن ما تعرض له مجرد حوادث عابرة، بل كان نمطًا أسبوعيًا متكرّرًا من العنف، كل يوم خميس وجمعة، يشمل الإيذاء اللفظي والاعتداءات الجسدية الصادمة، سواء بين الأطفال أنفسهم أو من بعض العاملين في المركز.
ومن أبشع مشاهد الانتهاك، كان أحد الأطباء يُخضع الطفل يوميًا لحروق باستخدام ماء شديد السخونة، تحت ذريعة “العلاج”، حيث كان يبدأ هذا التعذيب من الساعة التاسعة صباحًا حتى الحادية عشرة. وفي إحدى المرات، كاد هذا الطفل أن يفقد حياته بسبب شدة حرارة الماء المغلي. وحين اشتكى، كان الردّ صادمًا من إحدى المربيات التي قالت له ببرود: “نحن نفعل هذا في منازلنا”.
مرت سنوات قبل أن تُكشف الحقيقة المروّعة، حيث تبيّن أن حرارة الماء المستخدم كانت لا تُحتمل، وقد تسببت للطفل بأضرار جسدية ونفسية عميقة ما زالت آثارها حاضرة في ذاكرته وجسده.
المأساة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد كان المركز يفتقر إلى أدنى معايير الحماية والرقابة، فلا كاميرات مراقبة، ولا إشراف فعلي، ولا اهتمام يُذكر من المربيات أو المعلمات. وكان العنف منتشرًا بصورة مخيفة بين النزلاء، صغارًا وكبارًا، دون تدخل من أحد أو مساءلة لأي طرف.
في الختام:
إن هذه القصة المفجعة تُنذر بخطر داهم، وتدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعّالة، ومنها:
1. تركيب كاميرات مراقبة في كافة أرجاء مراكز ذوي الإعاقة، لا سيّما في أقسام العلاج الطبيعي.
2. فرض رقابة صارمة على أداء العاملين وتقييم سلوكياتهم بشكل دوري.
3. تدريب الطاقم التربوي والمُعالجين على أساليب التعامل الإنساني والمهني مع الأطفال ذوي الإعاقة.
4. تفعيل آليات الشكاوى والتبليغ، وتمكين الأطفال وأُسرهم من إيصال أصواتهم بأمان وشفافية.
إن هؤلاء الأطفال أمانة في أعناقنا، يستحقون كل رعاية، وكل احترام، وكل حماية. فرحمتهم وعدل معاملتهم ليسا خيارًا، بل واجبًا لا يقبل التساهل أو التأجيل
عمر الفهدي
