2024
Adsense
مقالات صحفية

الثالث والعشرون من يوليو المجيد ذكرى خالدة في القلوب

سعيد بن أحمد القلهاتي

ذكرى لا تُنسى حينما انتشر خبر تولي مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم في البلاد وذلك يوم الخميس الثالث والعشرين من يوليو المجيدة عام 1970م حينها كان عمري (9) تسع سنوات وكان كل سكان البلدة في تلك الحقبة من الزمن الماضي يقضون فترة القيظ في النخيل وفي الأموال التي تدوم ثلاثة أشهر وإنَّ هذه الذكرى قد حدثت في أواخر فترة القيظ ، وهكذا أخذ الخبر يُتداول هنا وهناك ويُُتناقل بين الكبير والصغير وبين الرجل والمرأة ، هذه الشرائح من الأعمار والأجناس منها من يفقه ماحدث ومنهم من لا يفقه ومن يفقه الحدث يُبسِّط الأمر لمن لايعرف ويقول له عبارة لا تُنسى “تبدل الحكم”  ومما لا أنساه أبدا أنَّ أحد كبار السن رحمه الله كان لا ينطق إسم جلالة السلطان كأسمه هذا “قابوس” وإنما يقول قابس وذلك ظناً منه وفق فهمه البسيط المتواضع  أن يكون إسم قابوس تصغيرا لقابس حتى تم توضيح الأمر له ، وهكذا يمر الزمن حتى انتهت فترة القيظ وعاد السكان إلى مساكنهم في الحارات ، حينها وُجهت الدعوات للمشائخ والأعيان للحضور إلى مراكز الولايات لأجل حضور وشهود مبايعة الحكم لمن يبعثهم جلالته حفظه الله ممثلين له إلى حواظر المدن ، ووسط هذا الحدث العظيم تجد القرى والولايات وكأنها تعيش أيام أعياد من آداء الرقصات والأهازيج ومختلف الفنون التقليدية والأعلام والرايات القديمة ذات اللون الأحمر تراها ترفرف على كل فرقة من الفرق القادمة إلى مراكز الولايات إذ أنَّ المشائخ والأعيان اصطحبوا معهم عددا كبيرا من المواطنين بطبولهم وسيوفهم ومختلف أنواع الزي العماني ، وعندما عاد المدعوون ومن صاحبهم إلى بلدانهم عادوا بنفس ما كانوا عليه من الأفراح تعلوا محياهم البهجة والفرح والسرور .

وأخذ العمانيون في العودة إلى الوطن العزيز الذين كانوا قد أجبرتهم الظروف المعيشية في الفترة الغابرة للسفر إلى مختلف دول الخليج العربي الشقيقة ليستقر بهم الحال في هذا الوطن المعطاء لينهلوا من خيراته الوفيرة  ، وهكذا تمضي الأيام القابوسية بالمواطنين في هذا البلد الطيب وهم يستبشرون في كل فترة بشيءٍ جديدٍ من إنجازات النهضة المباركة التي أخذت تتوالى عليهم ضمن مشاريع المسيرة المظفرة بقيادة مولانا حفظه الله ورعاه الذي كان همه الأول هو نشر التعليم في مختلف المناطق من الوطن الغالي وقال مقولته المشهورة : “سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر” ففُتحت المدارس ولم يمضي من عمر النهضة المباركة سوى ثلاث سنوات حتى حظينا نحن كجيل الستينيات في طيوي بأول مدرسة مختلطة تم فتحها في منزل مستأجر وذلك مع بداية الربع الأخير من عام 1973م حيث إنتظم بها نحو 75 خمسة وسبعين طالبا وطالبة ، وتلك فرحة لم توصف كانت تغمرنا عندما اقتربت إحدى السفن “اللنش” من الشاطيء قادمة من ولاية صور محملة بتلك الطاولات الخشبية المرتبطة بها كراسيها وبها المعلمين من جمهورية مصر العربية الشقيقة الذين سيتولون تعليمنا ، وبدأنا مرحلة التعليم الابتدائي ولله الحمد والمنة . أما جانب المجال الصحي فحظيت حواظر المدن بالمستشفيات والمستوصفات الطبية ولكن القرى لم تفتقد الرعاية الصحية بل كانت هناك حملات مكثفة تقوم بها هذه المؤسسات الصحية لطيوي وقراها وذلك من خلال تسيير طواقم طبية عبر السفن البحرية وتبقى هنا لفترة تصل لأسبوع أو أسبوعين في بعض الأحيان وفق الاحتياجات الصحية للمواطنين ،، ولم تكد تنقضي سنة 1975ميلادية حتى حظيت طيوي بمستوصف صحي في منزلٍ مستأجر ، ومضت مشاريع المسيرة المباركة تتوالى على مختلف ربوع السلطنة الغالية من تلك الفترة حتى وقتنا الحاضر .. فما أقرب بين اليومين وما ابعد التشبيه بينهما .
أدعو الله عز وجل أن يمن على مولانا جلالة السلطان بموفور الصحة والعمر المديد وعلى بلادنا العزيزة بنعمة الأمن والأمان وشعبها الأبي بنعمة الرخاء والسخاء .. إنه ولي ذلك والقادر عليه .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights