على طريق الغفلة
مهنا بن صالح اللمكي
على صدى أصوات الجدادين القدامى وهم يسدلون هدوء الصباح الباكر بأصواتهم الصاخبة أُلَطِّفُ سخونة الغربي وفجاجة العصر ،جداد المبسلي قارب على الأفول لنطوي صفحة من صفحاتنا الاجتماعية الجميلة.
كل الأسهم تشير إلى النهايات ،لكننا في كل حالة وفاة نقف قليلا وسرعان مانعود كما كنا أو أشد تقصيرا ، حيث أفيون حب الحياة ومغرياتها سيطر على جيناتنا وأصبح يسري مسرى الدم في الجسد.
تغير الصغار أصبحوا أمامنا كأنما نحن لم نكبر وتركناهم أمام الزمن ليفعل فعلته بهم ،تمددوا طولاً أكثر ممانتوقع وشبُّوابما لا نستوعب كيف حصل هذا ومتى.
يقفز حاجز السنوات بثقله وأجنحته القادرة على اختزال السنة في مساحة قد لا نشعر أنها أكثر من شهر مر على حين عجلة من أمره . وقد يرهقنا الرحيل المباغت لأولئك الذين لا زالوا في ريعان شبابهم حيث الإشارات موجعة حينما تدلنا على أن ذلك الإنسان الذي نحبه لن ننعم بحضوره في حياتنا طويلاً ولم يبقى من عمره الكثير مع أن الأعمار بيد الله ،جسده يتهاوى أمام ضربات المرض ولم يبقى أمام الاطباء سوى الاستسلام أمام هذا المتغول في الجسد البشري. قديما تصافت القلوب فتلاحمت البيوت وفاضت الأيدي بماتملك من كرم رغم فقرها المادي وعوزها. وحديثا تباغضت القلوب فتباعدت البيوت وشحت الأنفس رغم غناها المادي .. وسهلت لنا الطفرة العلمية المذهلة أن نعيد كل الماضي المادي كما كان وأفضل ونجسده في بيوتنا ومقتنياتنا ومتاحفنا ومطاعمنا ولكن لم نستطع أبداً إعادة تلك الأرواح المتسامحة وغرسها في قلوبنا.