محمود بن خلف بن ناصر العدوي
إن العلاقات الإنسانية من أسمى العلاقات الكونية فهي مبنية على الاحترام والود والتقدير بين أجناس البشر مهما اختلفت ألوان بشرتها أو اختلفت ديانتها، فالإنسان يكرم بمجرد خلقه من نطفة، خلق لغاية وهدف محدد، خلق لعبادة الله وحده لا شريك له، خلق لإصلاح وتعمير الأرض وليس لفسادها وتدميرها. وقد حددت الشريعة الإسلامية مبادئ أساسية لتكوين تلك العلاقة تبدأ من علاقة الفرد بربه فتنشأ بداخله الاطمئنان والاستقرار ثم تتولد لديه القناعة الكاملة والمطلقة التي لا شك فيها ولا ريب بأن الله هو مدبر ومصرف الأمور فكل شيء لديه في كتاب مكتوب منذ خلق ذلك الانسان الضعيف إلى يوم مماته. المبدأ الآخر علاقة الانسان بالأحداث التي تحدث في مجتمعه فهنا تكون مهمته صعبة ومعقدة تتأرجح بين العقل وما يدركه من حقائق وبين هوى النفس، فإذا غلب عقله وضميره صلح المجتمع فكانت علاقته بالأخرين علاقة قوية مرتبطة بالعلاقة الأولى ألا وهي علاقة الفرد بربه، فكلاهما مرتبط ارتباطا قوياً لا يمكن الفصل بينهما، ولكن إذا اتبع الفرد هواه ودخلت في نفسه الاطماع وحكّم مبدأ القرابة والصداقة والشهرة وهو يعرف في قرارة نفسه أنه يتبع الهوى مع غياب العقل والضمير فإن مبدأ علاقة الفرد بمجتمعه تختل فيكون بذلك شريكا في عملية الهدم والفساد بدلاً من الإصلاح والتعمير الذي أمر به رب السموات والأرض.
مبدأ رعاية مصالح الآخرين هو مبدأ أيضا من المبادئ الأساسية في تكوين العلاقات الإنسانية بحيث لا يختل ميزانها وتطغى على الفرد مصلحته قبل مصلحة الآخرين الذين وضعوا كامل ثقتهم به فاختاروه ليكون هو المدافع عن مصالحهم والمطالب لها ويدخل معها مبدأ عدم خداع الاخرين من خلال أساليب التصوير والتزين المزيفة وكذلك استخدام هوى الاخرين ليقول لهم هو من يستطيع الدفاع عن مصالحكم أمام الآخرين ونفسه تدرك كل الإدراك أنه يخدعهم من أجل الوصول إلى مصالحه فقط.
على الفرد المؤمن بالله ورسوله أن يكون فرداً يسعى لبناء العلاقات الصحيحة بين الفرد وربه وبين الفرد والاخرين وبين الفرد والمجتمع لأجل الرقى والتقدم الذي تنشده جميع أطياف البشرية.
