الأربعاء: 30 أبريل 2025م - العدد رقم 2536
Adsense
مقالات صحفية

وسائل التواصل وتأثيرها على الشباب والمجتمع

   صالح بن سعيد الحمداني

في عصر السرعة والتكنولوجيا، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، خاصةً عند فئة الشباب، من تويتر إلى إنستغرام، ومن سناب شات إلى تيك توك، تغيرت طريقة تواصلنا، تفكيرنا وحتى نظرتنا للعالم من حولنا.

لكن رغم الفوائد الكبيرة لهذه الوسائل، هناك تأثيرات عميقة – إيجابية وسلبية – تستحق أن نسلط الضوء عليها، خاصة في ظل الارتباط اليومي والمباشر لهذه الوسائل بحياة الأفراد والمجتمعات.

ونعرج أولاً على التأثيرات الإيجابية؛ فوسائل التواصل لم تكن كلها ضررًا، بل على العكس، كان لها تأثير إيجابي واسع لا يمكن تجاهله، فقد ساهمت هذه الوسائل في جعل العالم “قرية صغيرة”؛ حيث أصبح بإمكان الشباب التواصل مع أقرانهم في مختلف أنحاء العالم بسهولة وفي أي وقت، وفّرت هذه المنصات فرصًا عظيمة للتعلم، واكتساب المهارات، والتعبير عن الرأي، وحتى الانطلاق في مشاريع ريادية إلكترونية يمكن أن تكون مصدر دخل وفرص عمل مستقلة.

كثير من الشباب اليوم أصبحوا “صناع محتوى”، يقدمون أفكارهم، ويناقشون قضايا مجتمعية مهمة بكل حرية، وقد تمكن العديد منهم من كسب جمهور واسع وتحقيق تأثير فعلي على الناس، سواء في مجالات التوعية الصحية أو البيئية أو حتى القضايا الاجتماعية والحقوقية، كما ساعدت هذه المنصات في نشر الوعي بقضايا إنسانية وبيئية واجتماعية، وخلقت نوعًا من التضامن الرقمي بين المستخدمين، خاصة في حالات الكوارث الطبيعية أو الأزمات السياسية والاقتصادية.

وبالنظر إلى التأثيرات السلبية؛ ماذا سنجد رغم كل الإيجابيات؟ إن الواقع يفرض علينا أن نعترف بوجود سلبيات خطيرة لا يمكن إغفالها.

أول هذه التأثيرات هو الإدمان الرقمي، حيث يقضي الشباب ساعات طويلة أمام الشاشات يوميًا؛ مما يؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية والجسدية، ويؤدي إلى تراجع تحصيلهم الدراسي ومشاركتهم في الحياة الاجتماعية الواقعية.

ومن المؤسف أن نرى مشهدًا أصبح مألوفًا جدًا، أسرة كاملة تجلس معًا في مكان واحد؛ لكن كل فرد منهم مشغول بهاتفه، وكأنهم في عوالم منفصلة لا تربطهم سوى الجدران.

أيضًا من ناحية أخرى أصبحت الصورة المثالية المنتشرة على وسائل التواصل تُسبب ضغطًا نفسيًا كبيرًا، خاصةً عند المراهقين، فالمقارنات المستمرة مع الآخرين، والشعور بعدم الكفاية، والخوف من عدم الوصول إلى “الكمال” المعروض، كلها عوامل تساهم في زيادة معدلات التوتر، القلق والاكتئاب بين الشباب.

ومن أخطر التأثيرات أيضًا التنمر الإلكتروني، حيث يستغل بعضهم هذه المنصات للإساءة للآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر؛ مما يُضعف الثقة بالنفس، ويؤدي إلى انعزال بعضهم عن المجتمع، خاصة الأطفال والمراهقين الذين لا يمتلكون القدرة النفسية الكافية لمواجهة هذا النوع من العنف الرقمي.

وسائل التواصل الاجتماعي هي بالفعل سلاح ذو حدين، استخدامها الذكي والمتوازن يمكن أن يفتح آفاقًا عظيمة وفرصًا غير محدودة، لكن الإفراط في استخدامها أو التعامل معها بشكل سلبي قد يؤدي إلى مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة. الحل يكمن في التوعية، والمراقبة الذاتية، وتعزيز ثقافة الاستخدام المسؤول لهذه الوسائل؛ حتى نحافظ على صحة شبابنا ومجتمعنا ونوجه هذا التطور الرقمي لما فيه الخير والمنفعة للجميع.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights