
النبا – محمود الخصيبي
يجسد شهر رمضان في عُمان روح التآزر والتكافل الاجتماعي، حيث تتجلى قيم التعاون والمساعدة بين أفراد المجتمع بأبهى صورها. وبينما يشهد العالم تغيرات اقتصادية واجتماعية متسارعة، يظل المجتمع العماني متمسكًا بجذوره، مستمرًا في عطائه. للحديث عن هذا الموضوع، التقينا بالأستاذ يونس الوائلي، الناشط المجتمعي، ليحدثنا عن التكافل في رمضان وأهميته في النسيج الاجتماعي العماني.
التكافل في عُمان… أصالة متجذرة
كيف ترى مظاهر التكافل الاجتماعي في عُمان، خاصة خلال شهر رمضان؟
يونس الوائلي: لا شك أن التكافل الاجتماعي هو من أبرز القيم العمانية، وهو ليس أمرًا جديدًا، بل يمتد عبر الأجيال. في رمضان، تزداد هذه المظاهر، حيث نشهد مبادرات واسعة، مثل إفطار الصائمين، توزيع السلال الغذائية، دعم الأسر المحتاجة، وحلقات تحفيظ القرآن. الجميل في الأمر أن هذه العادات ليست موسمية فقط، بل مستمرة طوال العام، وإن كان رمضان يمنحها زخمًا خاصًا.
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على التكافل
سألته عن تأثير التغيرات الاقتصادية على هذه الظاهرة، وهل أثرت الظروف الاقتصادية على روح التكافل في المجتمع؟
يونس الوائلي: لا يمكن إنكار التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم، لكن المجتمع العماني استطاع التكيف معها دون أن يفقد روحه التكافلية. قد تتغير أساليب العطاء، وقد يصبح التكافل أكثر تنظيمًا عبر المؤسسات الخيرية والمبادرات الإلكترونية، لكن الجوهر يبقى ثابتًا. في أوقات الأنواء المناخية والأزمات، رأينا كيف يهب العمانيون لمساندة بعضهم البعض، دون انتظار مقابل، وهذا أكبر دليل على أن التكافل لدينا ليس مرتبطًا بالرخاء المادي، بل هو جزء من الهوية العمانية.
دور التكنولوجيا في تعزيز التكافل
سألته عن دور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذه القيمة؟
يونس الوائلي: في السابق، كان التكافل يتم بطرق تقليدية عبر المجالس والتواصل المباشر، لكن اليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة قوية لدعم المحتاجين وإطلاق المبادرات. نرى حملات إلكترونية لجمع التبرعات، وتنسيق الإفطارات الجماعية، ودعم الحالات الإنسانية بشكل أكثر سرعة وانتشارًا. التكنولوجيا لم تغير التكافل، لكنها أعطته أبعادًا جديدة وسهلت الوصول إلى المحتاجين بطريقة أكثر كفاءة.

التكافل كقيمة مجتمعية مستدامة
في ختام اللقاء، سألته عن رؤيته لمستقبل التكافل الاجتماعي في عُمان؟
يونس الوائلي: أؤمن بأن هذه القيمة ستظل جزءًا لا يتجزأ من المجتمع العماني، لأنها ليست مجرد عادة، بل مبدأ راسخ. التحديات الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية لن تضعف هذا الجانب، بل ستدفع المجتمع للبحث عن طرق جديدة لتعزيزه. الأهم هو ترسيخ هذه القيم في الأجيال القادمة، وتعليم الشباب أهمية العطاء والتعاون، سواء من خلال المدارس أو الأسرة أو المؤسسات المجتمعية.