بدائل القدر…
إلهام السيابية
تأملت ريم نفسها في المرآة بثوب العرس الأبيض واخذت تلتفت يمينا ويسارا مبتسمه وراضية…ثم أخذت تتأمل غرفتها في بيتها الجديد ..لم تتخيلها ان تكون اجمل من ذلك..
الجدران ذات لون ابيض سكري مع اثاث الغرفة الفيروزي مختلط باللونين الأبيض والذهبي الخفيف ..جلست على طرف السرير واضعة يدها عليه متلمسة مخمله الراقي ..فالقت بجسمها على السرير متأملة في السقف والديكورات والإضاءة الخافتة التي تضفي على صاحبها الهدوء وسرعة النوم …جلست بهدوء ونظرت لساتها قائله ..:
لقد تأخر محمود ..
لقد تركها في الغرفة وذهب ليودع أهله..
يا ترى؟؟ هل سيحدث معها مثلما حدث لها مع جمال ..
راودتها ذكريات كثيرة …كانت تحب ابن عمها (جمال)منذ صغرها . ..تسمع الأمهات …جمال لريم …ريم لجمال …فتعلق قلبها الصغير به ..الا ان جاءت امه إلى امها خاطبه لها …
تراقصت الفرحة في قلبها واخذت تدور وتغني وتدور وتغني …وهي تقول اخيرا …اخيرا ساكون زوجة لجمال ..
اخذت في الاستعداد للعرس بكل همة وفرح وأهل جمال لم يبخلوا عليها بشيء ..احضروا لها الذهب والثياب …الخ..
كانت تاتيها مكالمات غريبة من نساء غريبات ناصحة لها بعدم قبول الزواج ..الا انها نسبت ذلك لغيرة النساء منها ..ولم تفكر مليا في الأمر الا ان فتح عليها جمال باب الغرفة وكانت تنتظره بثوبها الأبيض وقلبها يكاد يطير من الفرحة وهي تراه بجانبها ..انه حب حياتها …لم يخفى عليها الشحوب في وجهه والحزن العميق الذي كساه ..جلس بجانبها بهدوء وقال لها :
ريم..كم انت رائعة …وجميلة جدا …وطيبة القلب …و و
كان كلامه جميلا احمر وجهها خجلا منه وهو يتابع قوله :
ولكني لا استطيع ان أبداء حياتي معك بكذبة ..
انا يا ريم احب فتاة أخرى..
كانت صدمة واي صدمة ..قتل كل شيء جميل في لحظتها …احست بارتعاش صوتها وهي تقول له معاتبة
وغاضبة:ماذا ؟؟
لما لم تقل ذلك من قبل ؟؟
_كنت أرى الفرحة في عينيك فلا استطيع ان اخبرك ..
_والان قتلتني
لم تستطع أن تتحمل كلامه ..فقالت له
إفتح الباب… ونادي على ابي وابيك
كانت أصوات الزغاريد تعم المكان ودقات قلبها تكاد تتوقف وهي تسمع ذلك الصمت الذي ساد ..وصوت أبيها يناديها…
ريم ما بك يا بنيه …
_لا اريده …لا اريده
ثم نظرت إلى عمها قائله :
ابنك لا يريدني زوجة بل بديلة ولن اكون كذاك أبدا..وخرجت مع أبيها…مرفوعة الرأس ..
كانت صفحة وانطوت ..
وخرجت منها اقوى من ذي قبل وتعلمت ان تعتمد على نفسها ولا تتبع قلبها ..
تقدم لها الكثيرون ولكنها رفضتهم..الا محمود .. الذي اسر قلبها بشهامته وطيبة قلبه وحبه لأهله…لم يكمل دراسته بسبب وفاة ابيه وتحمل المسؤلية قبل الأوان كان يعمل مع عمه في دكانه كعشرة رجال ولكن عمه عامله معاملة الاجير….ورفض تزويجه من ابنته لم ينظر له على أنه ابن أخيه او يتيم الاب ولا إلى أخلاقياته بل نظر إلى ماهية عمله فقط ..كأجير عنده..اسودت الدنيا في عينيه ولم يخفف عنه الا قول امه ..الخير في القادم يا بني
لم يعرف كيف نام تلك الليلة ، ولكنه عندما أصبح الصباح ، توجه إلى عمه وأعطاه مفاتيح الدكان شاكرا ومعتذرا لعدم قدرته على مواصلة العمل عنده ، حاول العم ثنيه عن رأيه ولكنه أصر ومع إصرار محمود لم يجد العم بدأ من أخذ المفاتيح منه. ذهب محمود إلى منطقة أخرى قريبة من قريته..واختفى عن الأنظار…كان يأتي لزيارة أهله ويعود مرة أخرى..بعد ٥ سنوات جاء لامه ونقلها لبيتها الجديد وفتح دكانا صغيرا يترزق منه ومن دكان أصبحوا ثلاثة دكاكين حتى غدى من تجار المنطقة.
ولأن ابو ريم تاجر معروف ، كان محمود يأتي لبيته بين الفينة والأخرى ، ولم يخفى عليها إعجاب أبيها بأمانته واخلاقياته وطيبة قلبه ، وكان يتحدث عنه بكل اريحية ولم يكن يعلم ان قلبها الصغير بدأ بتغريدة الحب لهذه الشخصية المثابرة
احست بدوران مقبض باب غرفتها، فأخذ قلبها يخفق بقوه ..تقدم منها محمود بإبتسامة جميلة..واضعا يده على رأسها يتلو عليها اية الكرسي، ثم رفع طرحتها من على وجهها وقبل جبينها ..وقال لها :
استميحك عذرا ان اذهب للوضوء وأداء صلاة الشكر ..
جلس محمود في الركعة الثانية مسلما ..فنظر خلفه فوجد زوجته ريم تسلم معه ..
فعلت وجهه ابتسامة رضا شاكرا وحامدا لله ..